[ذكر طرف من كلام الناس في الروح والعقل]
[ذكر طرف من كلام الناس في الروح والعقل]
  وإذا قد ذكرنا الروح والعقل فلنذكر طرفاً من كلام الناس فيهما: إذْ قد وقع بين الناس في أمرهما إختلاف.
[الإختلاف في الروح]
  إعلم: أن من الناس من نفى أن يقع العلم لأحد من المكلفين بماهيَّة الروح، وتعلق بظاهر قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ٨٥}[الإسراء]، مع قولهم: إن الروح أمر واحد.
  وفي الناس من يزعم أن في الإنسان نفوساً وأرواحاً، وأن النفوس نامية، وحسية، وشهوانية، وناطقة، وغضبية، وأرواح وقوى، وجواهر بسيطة لا حجم لها ولا كثافة فيها، وكل واحدة لها عمل عندهم، فالنامية تنمي النبات والحيوان، والحسية بها تدرك المدركات، والشهوانية بها تراد المرادات، وبها يطلب الغذاء والمؤانسة والمحافظة، والناطقة بها تحصل العلوم والمعارف، ولا خلاف بين أهل هذه المقالة أن الإنسان إذا مات وذوي الشجر تلاشت هذه النفوس، فلا إعادة فيها أصلاً إلا الناطقة فقد وقع بينهم الخلاف فيها: فمنهم: من قال بتلاشيها، ومنهم من قال تبقى لا في شبح ويستحيل عليها الفناء، وهذا القول ينسب إلى قوم من الأوائل، وربما قال به قوم من الباطنية(١)، وإن كانوا لا يثبتون على قول يستمر حكايته عنهم، إلا أنهم يقولون: إن
(١) الباطنية: فرقة من الفرق التي تنتحل الإسلام وهم في الحقيقة خارجون عن الدين، لإنكارهم الخالق تعالى وإنكارهم المعاد الجسماني وأصول مذهبهم تعود إلى مذاهب الفلاسفة والمجوس وهم من أعظم الفرق ضرراً ومكيدة لأن مذهبهم لايكاد يعرف، لتسترهم وإحداثهم كل وقت مذهباً، وفشا مذهبهم بعد مائتين من الهجرة أحدثه عبدالله بن ميمون القداح وكان مجوسياً تستر بالتشيع ليبطل الإسلام، وسموا الباطنية لدعواهم أن لكل ظاهر باطناً، ويقال لهم الإسماعيلية والقرامطة والمزدكية والتعليمية والملحدة، والباطنية أشهر ألقابهم، ولهم أقوال وخرافات لايسع المقام إحصاؤها وحصرها. الملل والنحل للإمام المرتضى ١٠٣، للشهرستاني ١/ ١٤٢، النبذة المشيرة.
وقد رد عليهم الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة # في مشكاة الأنوار الهادمة لمذهب الباطنية الأشرار، وكتاب الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام، وكذلك الفقيه العلامة محمد بن الحسن الديلمي في قواعد عقائد آل محمد، =