[ذكر طرف من كلام الناس في الروح والعقل]
  الذي فينا بعض من كل، فإذا تخلصت الأرواح من الأجساد لحقت العوالم من هذه بعالمها وبقيت بقاء لا انقطاع له وصارت مَلَكاً وصورة روحانية، والجواهر تحير ولا تهتدي المسالك، فتبقى تحت الفلك في حيرة، وهذا قريب من قول بعض الفلاسفة في النفوس وإن لم يحصلوا ذلك التحصيل، والكل عندنا باطل بما يأتي إن شاء الله - تعالى - من الدليل على إثبات صانع موصوف بصفات الكمال، عدل حكيم، بعث فينا رسولاً، لا يجوز عليه الكذب، أخبرنا بالأمور مفصلة، فوجب علينا القول وترك التَكَمُّه(١) بغير دليل، فحينئذٍ الكلام في هذه المسألة ينحسم(٢) بالكلام في ذات الباريء وصفاته، وما يجوز عليه وما لا يجوز في ذاته وأفعاله وأحكام أفعاله، وأن ما يدعون من النفس الكلي والعقل الأول لا أصل له، إذ لا طريق من طرق العلم يوصل إليه.
  فأما النمو فإنما يقع بزيادة الباريء في الأجسام، وإنما اختص الحيوان والنبات لأنه - سبحانه - أجرى بذلك(٣) وجود الحياة وهي المصححة للشهوة والنفرة، والداعي يشمل الأمرين.
  وفي الناس من زعم أن الروح في الإنسان الدم وفي كل حيوان، وجعل الروح غير النفس الناطقة، وهذا يروى عن جالينوس، وعمدته: أن الإنسان يموت بنزف الدم وتفريغه منه.
= وقد طُبِع منه الجزء الذي في الردّ عليهم.
(١) التكمه: الدخول في الشيء بغير حجة ولا دليل، تمت.
(٢) ينحسم بمعنى ينقطع.
(٣) في (ن، م) زيادة: العادة، فلا تفتقر والحال هذه إلا إلى إرادة الحكيم تعالى والإحساس يكفي فيه وجود الحياة.