شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر طرف من أمر الإمام الحسين بن علي الفخي (ع)]

صفحة 502 - الجزء 1

  جراحة مثخنة»، فلم يرها # مثخنة لشدة اليقين ما لم تكن قاتلةً من حينها، فقيل إن الحارثي⁣(⁣١) لما حضرته الوفاة لقنه أهله الشهادة فلم يسمح بها لسانه وقال:

  ألا لَيْتَ أمي لم تلدني ولم أكن ... لقيتُ حسيناً يوم فخّ ولا حسن

  ومات لوقته - لا ¦ - فلقد ارتكب جسيماً، وأتى عظيماً، وحَسَنٌ هذا الذي ذكره هو أخو الإمام الحسين بن علي هذا وقتل في ذلك اليوم فأبلوا بلاءً عظيماً، وأعذروا في القتال عن نفوسهم وأديانهم حتى إستشهدوا جميعاً ما انحرف منهم واحد، ولا ولى العدو ظهره إلاَّ متحرفاً لقتال كما أمر الله - تعالى - وما بقي منهم إلاَّ من كانت جراحته خفيفة فعبر بين القتلى إلى الليل ثم لحق بجهته وهو الأقل، فلما قتل قطعوا رأسه وأمروا به إلى هاديهم إلى النار موسى بن محمد، ودفن بدنه هنالك، وله قيل: إحدى وأربعون سنة، ولم يخالطه الشيب.

[كرمه وفضله (ع)]

  وكان كاملاً في جميع الخصال، واختص من الكرم بما لم يعرف في أحد من العرب والعجم مثله، فعُوتب على كثرة الإنفاق وتفريق الأموال، فقال: (والله ما أحسب لي عليه أجراً؛ لأن الله تعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}⁣[آل عمران: ٩٢]، والله ما هو عندي وهذه الحصاة إلاَّ في منزلة واحدة - يعني المال -).

  وجاء فيه⁣(⁣٢) من الحديث أن النبي ÷ بلغ ذلك المكان الذي قتل فيه # فصلى بالناس ركعتين، فلما صلى ركعة بكى فبكى المسلمون من


(١) الذي رواه الإمام المنصور بالله في الشافي ج ١ ص ٢١٩، وصاحب مقاتل الطالبيين ص ٣٨٣ أن قائل هذا البيت هو محمد بن سليمان العباسي لارحمه الله.

(٢) رواه أبو الفرج الأصصفهاني في المقاتل (ص ٣٦٦) بسنده عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر.