شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر طرف من أمر الإمام الحسين بن علي الفخي (ع)]

صفحة 501 - الجزء 1

  التروية، وقد رتّب كلٌ أصحابه ميمنة وميسرة وقلباً، فلقيهم # على تعبئته غير ضيق بهم ذرعاً، ولا مستدخل من كثرتهم جزعاً، وهو # يقول:

  وإني لأنوي الخير سراً وجهرةً ... وأعرف معروفاً وأنكر منكرا

  ويعجبني المرء الكريم نجاره ... ومن حين أدعوه إلى الخير شمرا

  يعين على الأمر الجليل فإن يرى ... فواحش لا يصبر عليها وغيرا

[بداية المعركة ومقتله ومبلغ عمره وموضع قبره (ع)]

  ثم دعا رجلاً من أصحابه صليباً فأمره بالتقدم بين يديه داعياً لذلك الجند الظالم إلى طاعة الله تعالى، لإبلاغ الحُجَّة عليهم، فقاربهم ذلك الرجل وصاح بهم: (يا معشر المسودة، هذا حسين بن رسول الله ÷، يدعوكم إلى كتاب الله وسنة رسوله ÷ فهل أنتم سامعون؟)، فرموه بالنبل فلحق بالإمام # وكانت وقعتهم في فخ، وهو مكان معروف، وفيه مشهده # يحرم للعمرة من شقه، فاشتهر مكانه # وأعلم للقتال، فلما عرفوه جعلوا يصيحون به: (يا حسين لك الأمان) وهو # مصمم فيهم تصميم اللَّيث الغضبان على سائمة الأنعام، وهو يقول مجيباً لهم: (الأمان أريد، الأمان أريد - يعني # من عذاب الله تعالى -) يفعل ما أمر به هو وأمثاله من الجهاد والصبر واشترى النفس لله - سبحانه وتعالى - فرماه حماد التركي بسهم فصرعه، وقد كان طعنه رجل من بني الحارث بن كعب طعنة هائلة لم يرق دمها، فقال له بعض أهله⁣(⁣١): لو تركتنا نقاتل ووقفت بحال هذه الطعنة، فقال: إني سمعت عن رسول الله ÷ أنه قال: «إن الله - تعالى - يبغض العبد يستأسر إلاَّ من


(١) رواه الإمام أبو طالب في الأمالي (ص ٩٢)، عن القاسم بن إبراهيم # عن أبيه إبرهيم بن إسماعيل.