شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حكايته أنه بعد أن احتج عليه بالذكر احتج عليه بالسنة]

صفحة 526 - الجزء 1

  الله لومة لائم». فلما ظهر الإسلام وكثر أهله قال: «يا علي ألحق فيها على أن تمنعوا رسول الله ÷ وذريته من بعده ممَّا منعتم منه أنفسكم وذراريكم، قال علي #: فوضعتها من الله على رقاب القوم وفى بها لله من وفى، وهلك بها من هلك⁣(⁣١)». وهذا غاية التصريح بوجوب إتباعهم والذب عنهم، وأن ذلك أحد شروط بيعة الإسلام التي عقدها رسول الله ÷ على كافة أمته، وقد ثبت أن من أخل بشرط من شروطها فكأنه أخل بالجميع، فلم يثبت له شيءٌ من الإسلام، وهذا واقع بشهادة المعصوم الذي لا يجوز عليه الكذب، وهو علي بن أبي طالب #، عن أمر الصادق المصدوق الذي لا يقول شيئاً من تلقاء نفسه وإنما يؤدي ما أمره به ربُّه، فقد ثبت لك أن الدفاع عنهم واقع لهم، والمنع لهم قائم مقام ذلك في رسول الله ÷ وأن التأخر عنهم كالتأخر عنه، وذلك وجهٌ عظيم في إثبات الفضل لهم، لا يعمى عنه إلاَّ أعمى البصيرة، خبيث السريرة.

  ثم قال للخصم المفتون: (ودادنا من العذاب جُنَّهْ): لدليل لا لهوى، وذلك ثابت فيما روينا عن أبينا رسول الله ÷ أنه قال: «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ ألا لا يجوزن أحد إلا بجواز، فيقال: وما ذلك الجواز؟، فيقول: حب أهل البيت المستضعفين في الأرض، المغلوبين على حقّهم، فمن لقيني بحبهم أسكنته جنَّتي، ومن لقيني ببغضهم أنزلته مع أهل النفاق⁣(⁣٢)». فقد رأيت أن حُبنا جُنَّة من النار، وسبب لسكون دار القرار، وجوار العزيز الجبَّار، وأن بُغضنا سببٌ لدخول النار وعذاب⁣(⁣٣) الجبَّار، والخلود فيها مع شر الأشرار؛ لأن الله، عز من قائل، يقول: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ


(١) رواه الإمام زيد بن علي في المجموع (٤٠٢، ٤٠٣) والإمام أبو طالب في الأمالي (١٢٦) والحاكم الجشمي في التنبيه (٨١)، والطبراني في الأوسط عن جعفر بن محمد بسنده عن آبائه $ (١/ ٤٧٣) رقم (١٧٤٥).

(٢) رواه الإمام المرشد بالله # في الأمالي (١/ ١٥٧) عن جعفر بن محمد عن آبائه.

(٣) في (ن): غضب.