[الساعي من أهل البيت في إصلاح الناس لايسأل الناس أجرا]
  عن النبي ÷: «قد أبلغ في الإعذار من تقدم بالإنذار»، يقول: قد أبلغ في النصيحة من أعلم بنزول الشر الذي يمكن الإحتراز منه قبل نزوله؛ لأن الله - تعالى - ما حذرنا من شيءٍ إلاَّ ويمكننا منه الإحتراز خلافاً لما ذهبت إليه المجبرة، وذلك لأنه عدل حكيم لا يجوز عليه القبيح ولا العبث.
  وخصَّ المؤمنين بالإنذار في القافية وإن كان إنذاره وإعذاره يتعلق بالجميع لأنهم ينتفعون بذلك دون غيرهم من الفاسقين المصرحين والمتأولين فأضافه إليهم.
  ومعنى قوله: (يوسعني الأبرار عنه شكرا): يريد؛ يكثرون شكره على موضوعه هذا لكونه نافعاً لهم في أجل المطلوبات وهو ثواب الآخرة، وزاجراً لهم عن أهول المرهوبات وهو عذاب الآخرة، نعوذ بالله منه.
  و (السَّفه) معروف، و (الهجر) هو الكلام القبيح المختلط المعيب، فيقول: إن الظالمين يقابلون هذه العلوم التي نشرها، والحكم التي أظهرها، بهجر من القول، وسفه من الكلام، كما قوبل بمثل ذلك جده - عليه أفضل الصلاة والسلام - وأخبر بتوطين نفسه على احتمال ما يقع عليه في ذلك ممَّا لا خطر له، لأنه موطن لها في إحياء الدين على اقتحام القَتَام(١)، وهزم اللهام(٢)، وإعمال حد الحسام، حتى يكسو كفه علقاً(٣)، وينقلب صافي الكدر(٤) طرفاً رنقاً(٥)، ولاشطط(٦) وكأن قد، وما ذلك على الله بعزيز.
(١) القتام: كسحاب الغبار، تمت قاموس.
(٢) اللُّهام: كغُراب العدد الكثير، والجيش العظيم. تمت قاموس.
(٣) العَلَق - محركة -: الدم عامة، أو الشديد الحمرة، أو الغليظ أو الجامد، تمت قاموس.
(٤) الكدر: نقيض الصفاء.
(٥) رَنِق الماء كفرح ونصر، رَنْقاً ورَنَقاً ورنوقاً كَدِر.
(٦) قوله: ولا شطط معطوف على قوله: مما لا خطر له، ولا شطط.