[الساعي من أهل البيت في إصلاح الناس لايسأل الناس أجرا]
  قوله: (قولي إلى طرق الرشاد قائدُ): لأن قوله بتفضيل أهل البيت، والإعتراف بأنهم خيرة الله من خلقه، وصفوته من عباده، يحمل على إتباعهم والموت دونهم، واختلاط اللحم والدَّم بحبهم، ويؤدي إلى(١) ترك الإنقياد لغيرهم وإن طال عمره وكثرت عبادته، ومثل ذلك بحال الرائد فقال: فكما أن الرائد يرشد أهله في أمر دنياهم كذلك قولي يرشدكم في أخراكم.
[الساعي من أهل البيت في إصلاح الناس لايسأل الناس أجراً]
  [٧١]
  لم أسألِ الناسَ عليهِ أجرا ... عُذْرَاً لكلِ مؤمنٍ ونذْرَا
  يُوسِعُني الأبرارُ عنهُ شُكرَا ... والظالمونَ سَفْهَاً وهُجْرَا
  معنى هذا البيت ظاهر، وزيادة بيانه وكشفه: أن رباني أهل هذا البيت الشريف المخصوص من الله - تعالى - بالتشريف وصالحهم لا يسأل الناس أجراً على هدايتهم، بل يتمنى صلاح هذه الأمة بذهاب جوارحه، وفوات روحه، ولهذا يفزع في أول الكتيبة القليلة من المؤمنين، في مقابلة الدُّهم(٢)، والدوسر المجر(٣)، المشابه للبحر، من جنود الظالمين، برَّاق الثنايا وضاح الجبين، يعلم ذلك من حضر وخبَر، لا من نفر وختر، وظاهر الحال تدل على ذلك.
  قوله: (عذراً لكل مؤمنٍ ونذرا): يريد إعذاراً وإنذاراً، والإنذار هو المبالغة في النصح بترك ما يوقع في الشر إلى الإشعار بنزوله لنفع الإحتراز منه بالممكن، ومنه الحديث
(١) نخ: من.
(٢) دهمهم الأمر: غشيهم، وبابه فَهِمَ، وكذا دهمتهم الخيل، والدَّهم جمع أدهم نوع من أنواع الخيول. تمت مختار صحاح.
(٣) المجْر بسكون الجيم والتحريك لحن: الكثير من كل شيء، والجيش العظيم. تمت قاموس.