شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الساعي من أهل البيت في إصلاح الناس لايسأل الناس أجرا]

صفحة 531 - الجزء 1

  قوله: (قولي إلى طرق الرشاد قائدُ): لأن قوله بتفضيل أهل البيت، والإعتراف بأنهم خيرة الله من خلقه، وصفوته من عباده، يحمل على إتباعهم والموت دونهم، واختلاط اللحم والدَّم بحبهم، ويؤدي إلى⁣(⁣١) ترك الإنقياد لغيرهم وإن طال عمره وكثرت عبادته، ومثل ذلك بحال الرائد فقال: فكما أن الرائد يرشد أهله في أمر دنياهم كذلك قولي يرشدكم في أخراكم.

[الساعي من أهل البيت في إصلاح الناس لايسأل الناس أجراً]

  [٧١]

  لم أسألِ الناسَ عليهِ أجرا ... عُذْرَاً لكلِ مؤمنٍ ونذْرَا

  يُوسِعُني الأبرارُ عنهُ شُكرَا ... والظالمونَ سَفْهَاً وهُجْرَا

  معنى هذا البيت ظاهر، وزيادة بيانه وكشفه: أن رباني أهل هذا البيت الشريف المخصوص من الله - تعالى - بالتشريف وصالحهم لا يسأل الناس أجراً على هدايتهم، بل يتمنى صلاح هذه الأمة بذهاب جوارحه، وفوات روحه، ولهذا يفزع في أول الكتيبة القليلة من المؤمنين، في مقابلة الدُّهم⁣(⁣٢)، والدوسر المجر⁣(⁣٣)، المشابه للبحر، من جنود الظالمين، برَّاق الثنايا وضاح الجبين، يعلم ذلك من حضر وخبَر، لا من نفر وختر، وظاهر الحال تدل على ذلك.

  قوله: (عذراً لكل مؤمنٍ ونذرا): يريد إعذاراً وإنذاراً، والإنذار هو المبالغة في النصح بترك ما يوقع في الشر إلى الإشعار بنزوله لنفع الإحتراز منه بالممكن، ومنه الحديث


(١) نخ: من.

(٢) دهمهم الأمر: غشيهم، وبابه فَهِمَ، وكذا دهمتهم الخيل، والدَّهم جمع أدهم نوع من أنواع الخيول. تمت مختار صحاح.

(٣) المجْر بسكون الجيم والتحريك لحن: الكثير من كل شيء، والجيش العظيم. تمت قاموس.