شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث في الافتخار]

صفحة 540 - الجزء 1

  ولكل امرءٍ ما نوى⁣(⁣١)» فلما كان غرضنا بذلك الدعاء إلى الدين، وتعريف الجاهل بواجب الحق، والكشف للمسترشد الطالب عمَّا يزيده بصيرة وبياناً في دينه حَسُنَ ذلك؛ بل زاد على الحسن صفة الوجوب ولم لا يكون كذلك والله - تعالى - يقول حاكياً عن عمنا يوسف ~ على لسان أبينا محمد ÷: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ٥٥}⁣[يوسف]، فوصف نفسه بالعلم والأمانة في كلام طويل، ولكن لفظ القرآن الكريم وجيز لكونه أشرف جوامع الكلم، وشهرة مثل ذلك عن صلحاء أهل البيت وأئمتهم $ يغني عن الإستشهاد، وغرضهم ما قدمنا ذكره وإلاَّ فهم $ أشد خلق الله تواضعاً، ولكن ليس هذا من التواضع في شيءٍ، لأن النبيء ÷ أعلى خلق الله في التواضع لله ولصالح عباده طبقة، فما روينا عنه في هذا الباب إلا ما يكشف شرف قدره، وارتفاع ذكره.

  روي عنه ÷ قال وقد ذكرت الفصاحة: «ومن أفصح مني وأنا من قريش البطاح ونشأت في بني سعد؟».

  وروينا عنه ÷ أن رجلاً من أصحابه درس شيئاً من التوراة، فبلغه ذلك فضاق حتى احمر وجهه وقال: «والله لو أن أخي موسى في الحياة ما وسعه إلاَّ اتباعي»⁣(⁣٢) وذكر فضله على جميع ولد آدم، ونفى فخر الجاهلية دون فخر الإسلام، لأن فخر الإسلام لا يظلم فيه أحد من حقه، ولا يترك أحد يتناول ما ليس له، لولا هذا عند أهل العلم لتناقض الكلام، وإلاَّ فأي فخر وشرف أعظم من كونه أفضل ولد آدم، وقد


(١) رواه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (ع) في أصول الأحكام بلفظ: «الأعمال بالنيات وإنما لامرئٍ ما نوى»، وأخرجه البخاري في بدء الوحي (١/ ١٥) رقم (١) ومسلم في الإمارة (٣/ ١٥٥) رقم (١٥٥/ ١٩٠٧) والطبراني في الأوسط (٥/ ١٩٦) رقم (٧٠٥٠).

(٢) رواه في كتاب المدخل في أصول الفقه للإمام أحمد بن سليمان @ والله أعلم. تمت هامش طبري.