شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أقوال الأئمة (ع) في التفضيل]

صفحة 543 - الجزء 1

  قالوا: ولكل أصل من الأحوال فرع يتقوى على قدر قوة أصله، والشجاعة أصل الجود والملك والكرم، والجبن أصل الذل والبخل والرذالة، والسرور أصل اللَّذة والمحبَّة وحسن الخلق، والحزن أصل إنقطاع الشهوة وترك طلب المراد.

  وقد قدمنا الدليل على قبح الملاهي من جهة العقل؛ لأنها تشغل عن الإستعداد للأمور المهمة في الدين والدنيا، وما هذا حاله فهو قبيح عند كل عاقل.

  وأمَّا من جهة الشرع: فنهي النبيء ÷ عن سماعها، ووعيده عن أمر ربِّه على ذلك، وذلك لا يقع منه إلاَّ على أمر القبيح، وإذ قد ذكرنا ذلك لتعريف أهل كل رأي بأنَّا أعرف من كثير منهم بأصول رأيهم ليعلموا أنَّا لم نتركه لجهلنا به، وإنما تركناه لعلمنا بقبحه.

  فلنرجع إلى تفسير القافية:

  قوله: (وذاك للنعمة من إلهي): يقول: من أصول نعم الله عليه، لأنها لا تحصى أن جعله من أهل بيت سجيتهم الهدى، وشيمتهم الدين والتقوى، فلم يشتغل في حال صغره بشيءٍ من لهو الدنيا فيحتاج عند كمال العقل لمفارقة المألوف من ذلك إلى تعب وعناء، لأن مفارقة المألوف شديدة يعلم ذلك أرباب الحجا، وإنما كان إشتغاله في حال صغره بما عليه الصالحون من أهله (¤) من عبادة العلي الأعلى، وخيفته لما يشاهد من خيفتهم من منكرات الأشياء، وذلك عادة الصالحين سيما من العترة الطاهرة وفي تربية الأبناء.

  قوله: (أحمده إذ⁣(⁣١) كان غيري لاهي): يريد؛ غافلاً ممن عليه مثل نعمتي وهو لا يشكر مثل شكري.


(١) في (ن): إن.