[مخاصمة ابن عباس | لمعاوية]
  لأهل هذا النصاب النبوي الشريف زاده الله شرفاً من التوفيق والتسديد، والعون والتأييد، ما ليس لغيرهم بولادة النبيء ÷، ولهذا جعل الله الأمر فيهم وألزم الكافة الرجوع إليهم بقوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء: ٨٣]، فهذا معلوم بظاهر النص في النبيء ÷ وفيهم من بعده بالإستدلال.
  وكذلك قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٤٣}[النحل]، انعقد إجماعهم وهو حُجَّة أنهم المرادون بذلك، ودليله ظاهر في الكتاب في قوله تعالى: {قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ}[الطلاق: ١٠ - ١١]، فسمى النبي ÷ ذكراً. ولا خلاف في أنهم أهله.
[مخاصمة ابن عباس | لمعاوية]
  وقد روي قولنا هذا عن ابن عباس | وذلك أن معاوية قال يوماً والناس عنده وجماعة من بني هاشم فيهم ابن عباس، فقال معاوية: (يابني هاشم لم تفخرون علينا، أليس الأب واحد، والأم واحدة، والدار واحدة؟، فالعجب لقوم أبونا وأبوهم غصنان من شجرة واحدة بماذا يفتخرون علينا؟) قال ابن عباس |: (نفخر عليكم بما أصبحت تفخر به قريش على العرب، وتفخر به العرب على العجم، برسول الله ÷ نفخر به، لا تستطيع له إنكاراً، ولا عنه فراراً) فقال معاوية: (يا ابن عباس لقد أعطيت لساناً ذرباً(١) يكاد يغلب بباطلك حق غيرك) فانظروا رحمكم الله ما أدقّ تلبيس عدوّ الله على أغمار الحاضرين، فقال ابن عباس |: (إن الباطل لا يغلب الحق، فدع عنك الحسد فبئس الشعار الحسد). ثم ذكر ابن عباس إشراك الله - تعالى - لأهل بيت النبيء ÷ في أمره، فإنه أدخلهم في أمره في الخمس، حيث أدخله، وأخرجهم من الزكوة حيث أخرجه، وقرنهم الحكيم - سبحانه -
(١) الذربة بالكسر: السليطة اللسان، وهو ذرب، تمت قاموس.