شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[المنصور بالله (ع) يذكر حالته مع خصمه اللدود في المخاصمة]

صفحة 560 - الجزء 1

[المنصور بالله (ع) يذكر حالته مع خصمه اللدود في المخاصمة]

  [٨٥]

  هذا وكمْ خصمٍ من القومِ ألَدّ ... رقَّيْتُهُ عندَ الخصامِ في كَبَدْ

  حتى إذا ما صارَ يرمي بالزبدْ ... قلتُ قليلاً يتعاطينَ الجَدَد

  يقول: هذا الذي منَّ الله به علي من ولادة نبيئه ÷ وهدايته لدينه الذي إرتضاه لنبيئه ÷ ولذريته $ إنضاف إليه - أيضاً - من النعم ثبات الجنان، ومضي اللسان، (فكم خصم ألد): وهو شديد الخصومة لا يكاد يغلب - وقد قال سبحانه وتعالى: {وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ٩٧}⁣[مريم] - قد غلبته.

  قوله: (رقيته): معناه: رفعته بفواصل الكلم حتى خف، وعلا نَفَسُهُ، واشتد خناقه.

  و (الخصام): هو الجدال.

  و (الكبد): هو الشدة. يقول: لما اشتد لجاجه وجداله (صار يرمي بالزبد) من شدقيه، وقد كان ذلك، وعاتبه غير واحد لشدة حمقه وغلوانه، ومتابعته لشيطانه.

  قوله: (قليلاً يتعاطين الجَدَد): معناه: تأيد⁣(⁣١) قليلاً حتى يتضح لك الحق ويبين لك الصدق، فإن اتبعتني كنت من الصادقين السالمين، وإن خالفتني كنت من الكاذبين الظالمين، وهذا مثل تضربه العرب لمن إستعجل لأمر هو فيه مغبون، وأصل ذلك في قيس بن زهير، وحذيفة بن بدر، وقصتهما مشهورة في رهانهما على الحطار والحنفاء لحذيفة، والداحس والغبراء لقيس، وقد قيل كان الرهان على فرسي قيس الداحس والغبراء، وإنه اعترض قيس⁣(⁣٢) في فرسيه فنفر الغبراء على الداحس إعتراضاً منه وعدواناً،


(١) التأيد: هو الإمهال.

(٢) نخ (ن): قيساً.