شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أقوال الأئمة (ع) في التفضيل]

صفحة 566 - الجزء 1

  وكانت محطتهم يسمع لها دوي كدوي النحل من القراءة والتسبيح بأنواع ذكر الحكيم - تعالى - فلم تغن عنهم عبادتهم من الله شيئاً، وما زادوا على من خالفنا في زماننا⁣(⁣١) مثل الشعرة؛ لأنهم أرادوا من علي # وولديه @ وهم العترة في ذلك الوقت - الرجوع إلى رأيهم، فلما لم يفعلوا ذلك $ أنكروا حقهم، وجحدوا فضلهم، وخرجوا عليهم، واستغنوا بأنفسهم عنهم، واتخذوا منهم أكابر فزعوا إليهم في الحوادث، ونبذوا العترة $ وراء ظهورهم، وكذلك المخالفون لنا لَمّا لم نرجع إلى رأيهم جحدوا حقنا، وأنكروا فضلنا، والأمر في ذلك ظاهر، ولم يفرق أحد بين العترة في وجوب الإتباع من إستقام منهم، وارثاً للكتاب، عارفاً لفصل الخطاب، ولا يجوز مرور وقت من الأوقات إلاَّ وفيهم $ من هو كذلك، لقول النبي ÷: «لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» يعني الكتاب والعترة.

  وقد روي من إجتهاد الخوارج أن الإنسان منهم كان يجري في الرمح إلى قاتله وهو يقول: «وعجلت إليك رب لترضى» فلم يغن عنهم ذلك من عذاب الله - تعالى - شيئاً لما خالفوا أمير المؤمنين (ع) وهو قائم عصرهم، والعترة العظمى في زمانهم ذلك، كذلك أهل هذا العصر لا تغني عنهم عبادتهم من الله شيئاً إذا خالفوا العترة الطاهرة في زمانهم، الذين هم حُجَّة الله - تعالى - عليهم وعلى جميع العباد، وصموا عن دعاتها؛ بل رفضوها وثبطوا عنها، ونصبوا لخلافها والتخلف عنها العلل والتأويلات.

  قوله: (فهلكوا إذ خالفوا خير البشر): يريد؛ محمداً ÷، لأنه أمر أمته باتباع عترته المطهرة فخالفوه في ذلك، ولهم أتباع في كل وقت يقتفون آثارهم في خلاف العترة الطاهرة حذو النعل بالنعل؛ بل تعدّوا ذلك إلى أن قالوا: هم أولى بالحق منهم، واتباعهم أوجب من اتباع هداتهم، فردوا بذلك قول النبيء ÷: «قدِّموهم ولا تقدَّموهم، وتعلموا منهم ولا تعلموهم، ولا تخالفوهم


(١) المراد بهم المطرفية المرتدة الغوية.