[باب إثبات الصانع]
  - تعالى - ولا مثل له على ما يأتي بيانه، والحيوة والقدرة لا يوجبان إلا بشرط الاختصاص، والاختصاص لا يكون إلا بالحلول، وحلول العرض في العرض محال، لأن أحدهما لا يكون حالاً والآخر محلاً أولى من العكس، وذلك يؤدي إلى أن لا ينفصل الحال من المحل، وذلك محال إذ يعلم كل عاقل متأمل أن صفة أحدهما غير صفة الآخر، فبطل أن يكون العرض قادراً ولا حياً، وإذا لم يكن حياً ولا قادراً إستحال وجود الأفعال من قبله، وهذه جمل تحتاج إلى شرح طويل أضربنا عنه ميلاً إلى الإختصار كما وعدنا في أول الكتاب، فقد رأيت تهدم مذهب هؤلاء القوم فنعوذ بالله من التكمه في الضلالة، والخبط في ميدان الجهالة.
  ومما يؤيد ما قلناه أن في هذه الأرزاق أثر الصنع والتدبير، وذلك لا يكون إلا من عليم قدير، وذلك ظاهر في الحيوانات والزرائع، وسائر الأرزاق التي تدل على وجود الصَّانع.
  عدنا إلى شرح ألفاظ القافية:
  (الخلع): أصله في الدابة تَخلعُ رَسَنَها(١)، ثم استعير ذلك لمن أخرج نفسه عن شيءٍ بعد دخوله فيه.
  و (الرقاب): هي الأعناق، والهوادي(٢)، معنى الجميع من ذلك واحد، وشهرته تغني عن الشاهد.
  و (الرِّق): هو الملك، والمرقوق: هو المملوك، والرقيق: إسم المرقوق.
  و (عصوا): خالفوا مقتضى الأمر.
  و (الجحد): نقيض الإقرار، ومعنى الجحد والإنكار واحد.
(١) الرًّسَن - محركة -: الحبل الذي يقاد به البعير، وما كان من زمام على أنف، جمعها: أرسان وأرسُن. تمت قاموس مع زيادة.
(٢) الهوادي والهَوَد بالتحريك، جمع هَوْدة: الأسنمة. تمت.