شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر مسائل أصول الدين وما يتبعها]

صفحة 118 - الجزء 1

[الأدلة على أن الإمامة محصورة في أولاد الحسن والحسين (ع)]

[الدليل الأول آية الإجتباء]

  وفي مسألة أن الإمامة محصورة في أولادهما، قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}⁣[الحج: ٧٨].

  ووجه الإستدلال بهذه الآية: أن الله - تعالى - أمر أولاد إبراهيم # أمراً ظاهراً بالجهاد في الله - تعالى - حق الجهاد، ولا يكون ذلك كذلك إلا بتجييش الجيوش، وعقد المراكب، وشن الغارات، وحمل من عصى الله - تعالى - على طاعته حتى يتمحض الجهاد فيه ø، ويتعرى عن غرض آخر بجميع وجوه الإمكان، من شدة ولين، وإقامة الحدود، وحفظ البيضة، وسد الثغور، وسياسة الجمهور، وقتل المحاربين، وسَوق الهاربين، وأخذ أموال الله - تعالى - ممن وجبت عليه طوعاً وكرهاً، وصرفها في مستحقها، إلى غير ذلك من سائر أنواع أعمال الإمامة، وإنما قلنا ذلك لأنه لا يعقل من إطلاق الجهاد في الله - تعالى - حق الجهاد إلا ما قدمنا، بدليل أنه لايجوز أن يقول القائل إن فلاناً حارب أعداء الله - تعالى - فشن عليهم الغارات، وقاد إليهم المقانب⁣(⁣١)، ونصب لهم المكائد، وأدار في حربهم أنواع الحِيَل، وهجر له النوم، وجمع العدة، ورتب الأمر فيه على مقتضى حكم السياسة ولم يجاهدهم مع ذلك حق الجهاد؛ بل ينفي ما قدمنا، ويقول القائل: إنه جاهدهم حق الجهاد، فثبت أن المجاهدة في الله - تعالى - حق جهاده الواجب فيه لا يكون إلا بما قدمنا ذكره وبمثل⁣(⁣٢) ذلك تعرف الحقائق في كل أمر.


(١) المقانب: جمع مقنب وهو طائفة من الخيل مابين الثلاثين إلى الأربعين.

(٢) في (ن): ومثل.