(الكلام في مسألة قديم)
  وقوله: (سوداء في سودا من الليالي): فعلى قول من يقول الإدراك بمعنى العلم، يقول إنه سبحانه يعلم النملة السوداء، في الليلة الظلماء، على الصفات السوداء؛ إلا أنه سبحانه عالم لذاته، وذاته مع المعلومات على سواء، فيجب أن يعلم الجميع من دقيق المعلومات وجليلها لفقد الإختصاص، والنملة ودبيبها في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء من جملة المعلومات.
  وعند من يقول إن الإدراك زائد على العلم يقول إنه سبحانه يرى شخصها في هذه الحال ويسمع همسها، وكلا القولين دال على عظيم حاله سبحانه وتعالى.
(الكلام في مسألة قديم)
  [١٥]
  وَرَبُنا سُبْحانَهُ قَدِيمُ ... لَمْ تَخْتَلِجْنَا دُونَهُ الوُهُومُ
  وهوَ بأوصَافِ العُلى مَعْلُومُ ... حَيٌّ على عِبادهِ قَيُّومُ
  مُمْتَنعٌ من حَالَةِ الزَّوَالِ
  هذا الكلام على أنه تعالى قديم، (ومعنى القديم): هو الموجود الذي لا أول لوجوده.
  وللسائل ها هنا مطلبان، أحدهما: في أنه سبحانه موجود.
  والثاني في أنه لا أول لوجوده:
  أمَّا أنه موجود: فقد تقدم الدليل عليه في إحتجاجنا على أن العالمَ محتاج في وجوده إلى مؤثر، وأن المؤثر لا يجوز أن يكون معدوماً، ولأنهما يشتركان(١) في العدم، فلا يكون أحدهما في أن(٢) يؤثر في صاحبه أولى من العكس.
  وكل قول أدى إلى أن لا يفرق بين الفعل والفاعل فهو باطل.
(١) في (ن): مشتركان.
(٢) في (ن): بأن.