شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في] (مسألة نفي التشبيه)

صفحة 144 - الجزء 1

  ولأنا أيضاً نعلم تعذر الفعل من الفاعل لعدم حياته وقدرته، فبأن يكون عدم ذاته في تعذر الفعل من قِبَلِه أولى وأحرى، فوجب لذلك كونه تعالى موجوداً.

  وأما الذي يدل على أنه لا أول لوجوده: فلأنه لو كان لوجوده أول لكان محدثاً، ولو كان محدثاً لاحتاج إلى محدث حتى يتصل بما لا يتناهى وذلك محال، فيجب الإقتصار على موجود لا أول لوجوده، وذلك هو المراد بقولنا إنه تعالى قديم؛ لأنَّا لا نريد بالقديم إلا الموجود الذي لا أول لوجوده.

  فإذا ثبت لله - تعالى - أنه موجود بما تقدم، وثبت أنه لا أول لوجوده لمثل ما ذكرنا وعللنا من إستحالة حدوثه؛ فثبت أنه تعالى قديم.

  وقوله: (لم تختلجنا دونه الوهوم): يقول أوصلنا نظرنا إلى معرفة حقيقة ذاته سبحانه، ولم تصرفنا الوهوم: وهي الظنون، عن ذلك مثل غيرنا من الفرق؛ بل أخذنا معرفته سبحانه، ومعرفة صفاته، وما يجوز عليه ومالا يجوز عليه، بالأدلة الموصلة إلى العلم.

  وقوله: (قيوم): يريد؛ قائم على عباده لحفظهم والإنعام عليهم، وهذه حاله مع كل مكلف، فمن هنالك وجبت طاعته على الجميع.

  وقوله: (وهو بأوصاف العلى معلوم): يقول إنه تعالى يُعلم على هذه الصفات العلى، التي لا تكون إلا له تبارك - وتعالى -، من علمه بجميع المعلومات، وقدرته على جميع أجناس المقدورات، وإدراكه لجميع المدركات، ووجوده قبل كل الموجودات، فهذه الصفات لا تثبت على هذه الوجوه إلا في حقه تعالى.

[الكلام في] (مسألة نفي التشبيه)

  [١٦]

  وهو تعالى غير ذِي تَنقُّلِ ... قُدِّس عن مَقَالَةِ ابنِ حَنْبَلِ

  والأَشْعَريِّ وضِرَارِ الأحْوَلِ ... فَخَالِف الشَّكَ إلى النَّصِ الجَلِي