(مسألة الإمتحان)
  ويشهد بصدق رواية الناصر # عن أيوب # ما روينا بالإسناد الموثوق به إلى أبينا علي بن أبي طالب # أنه قال في بعض مفرداته في حمد ربِّه:
  عطيّته إذا أعطى سروراً ... فإن سلب الذي أعطى أثابا
  فأيّ النعمتين أجلّ قدْراً ... وأعظم في عواقبها إياباً؟
  أنعمته التي أهدت سروراً ... أم الأخرى التي دخرت(١) ثواباً!؟
  واعلم؛ وفقك الله - تعالى - أن من جهل نعمة الله في المكاره، ولم يعرفها إلا في اللذات والمشتهيات؛ فقد جهل شطر الحكمة.
[بيان أن الآلام الخارجة عن مقدور العباد من الله تعالى]
  فإن قيل: وإنا لا نرجع بالإحالة إلى أمر يعقل إضافة الفعل من حيوان ولا جماد إليه ولكنا لما رأينا هذه الأفعال يقف حصولها على أمور غيرها، نحو وقوف السَّدم على وصول بعض البلدان، وما شاكل ذلك مما يطول شرحه، وواحده يدل على جِنْسِه، فلما رأينا ذلك هِبْنَا أن نضيف ذلك إلى الله - تعالى - لوجهين:
  أحدهما: تنزيهه عما تكره النفوس.
  والثاني: أنه لو كان فعله تعالى لحصل بدون وصول البلد المخصوصة.
  قلنا: هذان وجهان باطلان.
  أما وجه التنزيه لله - سبحانه - فهو يقبح إذا تعلق بأفعاله؛ لأنا إذا نزهناه عن أفعاله، لم نجد بدًّا من إضافتها إلى غيره، فيلزمنا التثنية وذلك كفر بالإتفاق، وهذه منزلة الثنوية نعوذ بالله منها؛ لأنهم لما نزهوه من فعل المكروه وأضافوه إلى غيره، فإن اعتللنا
(١) ذخرت (شافي)