شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(مسألة الإمتحان)

صفحة 175 - الجزء 1

  بكراهة النفوس لها؛ فأكثر أفعاله فينا، تنفر عنها نفوسنا، كالموت مما وقع الإتفاق عليه، وكإنباته للشعر فينا في مواضع مخصوصة، وأمره لنا بإزالته لأنه جعل الدنيا دار بلوى.

  وأما وجه البلدة المختصة بحصول السَّدم فيها أو ما يجانسه من الآلام التي تختص بعض البلدان في مجرى العادة، فلا يمتنع ذلك، لأنا نعلم وقوف كثير من أفعاله التي يجمع الكل عليها على شروط اعتيادية كالولد الذي لا يخلقه تعالى، إلا أن يضع الماء المخصوص في المكان المخصوص، وكان يقدر على خلقه في غيره أو الإبتداء بخلقه، وأمثال ذلك كثير، فلا وجه لقول القائل: لم لا أسدم في موضع غير ذلك الموضع؟ لأن الجواب له، أن الله بحكمته أجرى العادة أن لا يحصل هذا النوع من المرض إلا في هذا المكان دون غيره، وفعل الحكيم لا يعلل بعد صحة حكمته، وقد صحت والحمد لله؛ بل فعل الفاعل على سبيل الجملة لا يعلل في مجرد وقوعه⁣(⁣١)، فلم يبقَ للخلاف وجه معقول كما ترى؛ يوجب نفيها عن الله - تعالى - وإضافتها إلى غيره، فوجب التسليم والقضاء بأن تلك البلدان والأسباب التي تقع عقيبها الآلام شروط اعتيادية موقوف، مشروطها على اختياره تعالى إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، فثبت أن الآلام الخارجة عن مقدور العباد من الله تعالى.


(١) وسابعها: سأل عن فعل الفاعل على سبيل الجملة إن كان لا يعلل في مجرد وقوعه؛ قال أيده الله: ما الفرق بينه وبين الغرض وداعي الحكمة؟

الجواب عن ذلك: أن فعل الفاعل يحصل عن اختياره، إما لداعي حكمة وهو علمه أو ظنه واعتقاده حسن الفعل وأن لغيره فيه نفعاً أو دفع ضرر.

وداعي الحاجة علمه أو ظنه واعتقاده في أن له في هذا الفعل نفعاً أو دفع ضرر، وهو لا يحصل لعلة سوى الإختيار؛ فلهذا إنا لو رأينا رجلاً خرج من داره ولها بابان يخرج من أحدهما فأجهدنا نفوسنا في طلب العلة في خروجه من أحدهما دون الآخر لوَّمَنا العقلاء، إذ ذلك موقوف على اختياره، وكذلك إذا قضى الدين من أحد الكيسين وما شاكل ذلك.