شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(باب القول في الوعد والوعيد)

صفحة 226 - الجزء 1

  وقال لعلي لعلمه بأن النص عليه يفيد معنى إمامته: (أبسط يدك لأبايعك، فيقول الناس عمّ رسول الله بايع ابن أخيه فلا يختلف عليك اثنان)، وامتنع # من ذلك لما رأى من تشدد القوم، وشحة نفوسهم بهذا الأمر مع كثرة أعوانهم في تلك الحال، وعلم بقلة ثبات الأعراب وأهل الأطراف في الدين، وقرب عهدهم بالجاهلية مع بقاء كثير ممن أظهر الإسلام على النفاق خيفة من السيف، وعند الفرقة يرتفع الخوف، هذا مع أن مسيلمة⁣(⁣١) - لعنه الله - في جند قوي من بني حنيفة قد غلب على اليمامة وما والاها، وادعى النبوءة، وانضافت إليه سجاح⁣(⁣٢) - لعنها الله تعالى - في أتباعها من تميم، إلى غير ذلك مما يطول شرحه.


(١) مسيلمة بن ثمامة بن كبير الحنفي الوائلي أبو ثمامة، ولد ونشأ باليمامة، وتلقب في الجاهلية بالرحمن، وعرف برحمان اليمامة، ولما ظهر الإسلام في غربي الجزيرة وافتتح النبي ÷ مكة ودانت له العرب، جاءه وفد من بني حنيفة قيل: كان مسيلمة منهم، فأسلم الوفد؛ فلما رجعوا كتب مسيلمة إلى النبي ÷: (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، سلام عليك أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك، وإن لنا نصف الأرض، ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشاً قوم يعتدون).

فأجابه النبي ÷: «، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من اتبع الهدى أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين» وذلك في أواخر سنة ١٠ هـ، وتوفي النبي ÷ قبل القضاء على فتنته، فلما كان خلافة أبي بكر أرسل إليه جيشاً قوياً بقيادة خالد بن الوليد، فهاجم ديار بني حنيفة، ودارت معركة حاسمة تسمى معركة (اليمامة) قتل فيها مسيلمة الكذاب سنة ١٢ هـ، في حروب الردة. الأعلام (٧/ ٢٢٦).

(٢) سجاح بنت الحارث بن سويد التميمية، من بني يربوع، ظهرت في أيام الردة، وادعت النبوة بعد وفاة النبي ÷، وكانت في بني تغلب في الجزيرة، وكان لها علم بالكتاب أخذته عن نصارى تغلب فتبعها جمع من عشيرتها؛ فأقبلت بهم من الجزيرة تريد غزو المسلمين، فنزلت باليمامة، فبلغ خبرها مسيلمة فخافها؛ فأقبل إليها في جماعة من قومه وتزوج بها، ثم أدركت صعوبة الإقدام على قتال المسلمين فرجعت إلى الجزيرة، فلما بلغها مقتل مسيلمة أسلمت وهاجرت =