الدعوة الثانية (العامة)، دعوة الإمامة العظمى
  أشد الامتحان حتى أن عالماً واحداً منهم سأله عن خمسة آلاف مسألة في الأصول والفروع وعلوم القرآن والأخبار، وأجابه عنها # بأحسن جواب.
  فلما رأى العلماء وسمعوا عن علمه ما يشهد له العيان، وينطق به الامتحان، ويعجز عنه أرباب البيان سمعوا له وأطاعوا، وأجابوا واتبعوا، وكانت البيعة له # يوم الجمعة الثالث عشر من ربيع الأول سنة (٥٩٤ هـ)(١) انتهى.
  ثم إن الإمام # توجه بمن معه من العلماء إلى المسجد الجامع الشريف بصعدة مسجد الهادي إلى الحق # وقد امتلأ وغص بالعلماء والفضلاء.
  فقام الأمير الكبير شمس الدين يحيى بن أحمد (ع) خطيباً في الناس وكان من قوله: ياجميع المسلمين إنا قد أطلنا خبرة هذا الإمام، وشهدنا بفضله، وإنه أحق الناس بهذا المقام، وقد تعينت علينا وعليكم الفريضة، ولزمت الحجة، فهلموا فبايعوا الإمام واستبقوا إلى شرف هذا المقام).
  ثم إنه تقدم ومدّ يده فبايعه الإمام، ثم تقدم صنوه الأمير بدر الدين محمد بن أحمد فبايع، ثم تقدم بعدهما كبار الأشراف وأفاضل العلماء والقضاة وسائر المسلمين، فبايعوا كافة(٢).
  فلما قضيت صلاة الجمعة خرج الإمام والأميران إلى ضفة المسجد الشامية والمسلمون، فأقبل من جمعه السوق من أهل صعدة وسائر قبائل العرب من خولان وسنحان وهمدان وغيرهم.
  فتقدم الأمير شمس الدين فوعظ الناس وأخذهم باللطف وبيّن لهم الحق، وكان من كلامه: (أيها الناس لقد جهدنا في حطّ هذا الأمر عن رقابنا ورقابكم بكل ممكن فما وجدنا إلى ذلك سبيلاً، وقد علمتم أن ملوك اليمن قد عرضوا علينا أموالهم، وخيولهم وحصونهم وطاعتهم وحضونا على هذا المقام فلم نساعدهم إلى ذلك لوجود العذر
(١) أنوار اليقين (خ).
(٢) التحفة العنبرية (خ)، اللآلئ المضيئة، نقلاً عن السيرة المنصورية.