شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[التحذير من الحسد]

صفحة 309 - الجزء 1

  وجريت يوم الأسد والدين قد دجى ... عليهم فلم تمنعهم حصلة الصَمْد

  وهو لايريد إلا الصمد.

  و (البال): هو الفكر، وهو ظاهر في اللغة، فنهى عن حسدهم على ما اختصهم الله - سبحانه وتعالى - من الفضل ووراثة النبوة، ولا ينكر ما خصهم الله - سبحانه وتعالى - من الفضل إلا من حسدهم وأنكر فضلهم، وقد قال في مثل ذلك: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ٥٤}⁣[النساء]، فكانت المضرة على حاسدهم ولم ينقصهم ذلك.

  كذلك لا يضر أهل هذا البيت حسد من حسدهم، فجحد حقهم وأنكر فضلهم،؛ بل ضرر ذلك عائد إلى الحاسد.

  ثم أكّد ذلك بهذا البيت فقال:

[التحذير من الحسد]

  [٣٩]

  أتحسُدُونَ الناسَ فَضَلَ الباري ... في الرزقِ والخِلْقةِ والمِقدارِ

  وَوَاقِعِ الإقتَارِ والإيسَارِ ... ومَنُّهُ على الجميعِ جاري

  بالعدلِ في الإكثارِ والإقلالِ

  هذا كالمؤكد لما قبله مما يجري مجراه، ومعناه النهي عن الحسد لمن اختصه الله - تعالى - بشيءٍ من رحمته في خلق، أو رزق، أو شرف، ثم نبَّه على أن الإقتار والإقلال من قبل الله - تعالى - وأن ذلك عدل منه؛ لأنه متفضل في الحالات كلها، والمتفضِّل لا يُتَحَكَّمُ عليه ولا يُعْتَرضُ شاهداً ولا غائباً، ولا ينبغي لأحد ممن ينتسب إلى الإسلام إنكار شيءٍ من