[زيادة بيان في الرزق]
  وانقطع بعضهم في خدمته، لمكان اليسير الذي معه، ولعله لا يوصله إليهم لبخل أو حسد أو خيفة فقر، فلم ينصفوا من بيده كما قال - وهو صادق فيما قال -: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}[الشورى: ١٢]، فبيديه على ذلك العطاء والمنع لم لا ينقطعون في خدمته، فعطاؤه نعمة، ومنعه حكمة، إن أعطى فقد عرض لثواب الشاكرين، وإن منع فقد عرض لأجر الصابرين، ومن عرض للثواب والأجرة فحكيم فيما نعرفه؛ {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ٤٣}[العنكبوت]، {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ١٠٦}[يوسف]، وفيما أوردنا كفاية وإلا فأكثر الكتاب دلالة على ما ذهبنا إليه لفظاً أو معنى؛ وهو ظاهر لمن طلبه، وفزع في معناه إلى ورثته من عترة نبيئه ÷، فهمهم غرائبَه، وعرفهم عجائبَه.
  واعلم أن أكثر الناس ما أتي إلا من جهله بحق كتاب الله - سبحانه وتعالى - وعترة نبيئه - صلى الله وسلم عليه وعليهم - حتى لقد بلغنا عن قوم يُنْسَبون إلى متابعتهم - وهم مع ذلك يعتقدون أن الله ساوى بينهم وبينهم ولم يميزهم عليهم - أنهم ينفون نعم الله على أهل الكفر والفسوق من عباد الله - تعالى - وقد ذكرنا ما يدل على بطلان هذا القول في مسألة الرزق في أول الكتاب مما في بعضه كفاية.
[زيادة بيان في الرزق]
  ولمَّا عَرَضَ ذِكْرُ الرزق ها هنا زدنا ما لا يتعرى بتوفيق الله من الفائدة، ولولا أنه منعم عليهم لما وجب عليهم شكره؛ لأن شكر غير المنعم لا يجب، وربما احتجوا بقول يضيفونه إلى بعض آبائنا $ جهلاً بأحكام الإضافة وهو لم يصح، وإن صح وجب تأويله على موافقة كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله ÷ وحجج العقول؛ وهو قولهم إنه قال: (للطاعة والمطيعين خلقها ربُّ العالمين)، فنقول: إن صح ذلك عنه فلعلَّه أراد أن الله جعل الأرض بحكمه وأمره داراً للأئمة والأنبياء À لا يجوز لأحد خلافهم، ولا تعدي أمرهم.