[زيادة بيان في الرزق]
  ومن أمرِهم أن إقرار أموال أهل الفرقة في أيديهم بعد أخذ ما فرض الله عليهم واجب لا يجوز خلافه للذمييِّن.
  وكذلك من حكمهم أن المشرك إذا أخذ مال المسلم الذي ورثه المسلم من أبيه نفذ فيه تصرفه من بيع وهبة بحكم الله وحكمهم، وعجائب حكمته إليه لا تنفد، وأراد أن الله - تعالى - أراد من جميع المكلفين من المشركين والمسلمين الطاعة له، فهذا الذي يجب عليه حمل كلام الأئمة $ لئلا تتناقض حجج الله - تعالى - وبيناته، ولئلا ينسب إلى أئمة الهدى $ مخالفة نصوص الكتاب، وأدلة العقول، ولأنا نعلم ومخالفنا ضرورة أن كثيراً من الأرزاق التي خلقها الله تعالى في بلاد المشركين لاتصل إلى أحد من المسلمين بوجه من الوجوه كبلاد الهند والصين وما شاكلهما من البلاد النائية، وإن شئت فاضرب الممثول في بلاد يأجوج ومأجوج وما خلف السد، هل يكون ما يخلق الله لهم من الأرزاق والأرفاق يريد به سواهم مما نعلم نحن ضرورة أنه لا يصل إلى أحد من المسلمين بوجه من الوجوه؟ فلو خلقه لهم، مع علمه بأنه لا يصل إليهم لكان ذلك عبثاً - تعالى عنه - لأنه يجري في المثال بمثابة من يعد طعاماً شهياً لذيذاً، أو ينصب مائدة حسنة؛ في أقصى المشرق لصديق له في أقصى المغرب، وهو يعلم ضرورة أن صديقه لا يتمكن من وصولها ويحرمها على جميع من حضره إلا على صديقه الذي سمَّاه، وقد علم تعذر الوصول إلى تلك المائدة عليه، فإنه يكون - والحال هذه - عابثاً فاعلاً للعبث على أقبح الوجوه متى علمنا سلامة عقله، فكيف يجوز إضافة مثل ذلك إلى الله - تعالى - وقد بَيَّنَّا في مسائل العدل أنه لا يفعل شيئاً من القبيح، وهذا لا يخفى على من له أدنى مسكة من التمييز.
  فإن كان المراد أن الله - تعالى - مريد منهم الطاعة، وأن المعصية لا تحسن منهم مع تظاهر نعم الله عليهم، فذلك صحيح، وهو الذي صرح به الذكر الحكيم؛ كما قال تعالى مخاطباً للكافرين: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ٢١}[الملك].