(باب القول في الوعد والوعيد)
  وكذلك روينا عنه ÷ أن ملكاً من الملائكة سأل ربَّه زيارة النبي ÷ فقال الله - تعالى - لذلك الملك: «خَيِّر محمداً (بين(١)) أن أجعله عبداً نبياً أو ملكاً نبياً، فأتى إليه ذلك الملك ومعه جبريل # فقال ما أمره به ربّه ø فالتفت إلى جبريل كالمستشير له، فأوما إليه بالتواضع، فقال: بل أكون عبداً نبياً، فقال ذلك الملك: والله يا رسول الله لقد أخبرني بجوابك هذا ميكائيل تحت العرش(٢)»، والأخبار في مثل هذا كثيرة جداً.
  وقد روينا عن النبيء ÷ أنه قال: «أبشروا صعاليك المؤمنين بالفوز على الأغنياء يوم القيامة بمقدار خمسمائة عام، والأغنياء موقوفون يحاسبون على فضلات أموالهم، من أين اكتسبوها وفيم أنفقوها(٣)».
  ولا شك أنما نقص في الدنيا وزاد في الآخرة خير مما زاد في الدنيا، ونقص في الآخرة.
  وقال النبيء ÷: «الحمد لله الذي جعل لي أصحاباً أصبر نفسي في القعود معهم» فأنزل الله - تعالى - في ذلك قرآنا: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا}[الكهف: ٢٨]، وهذا المغفل قلبه عُيينة بن حصن؛ لأنه نهى رسول الله ÷ عن مجالستهم لسوء حالهم، وقال له: (هذا مما ينفر عنك رؤساء العرب)، فنهاه الله تعالى عن مساعدته، وأخبره بأنه
(١) نخ (ن): أيحب.
(٢) أمالي أبي طالب ٤٣، عن علي بن عبدالله بن العباس عن أبيه. وروى نحوه الطبراني في الأوسط (٥/ ١٦٦) رقم (٦٩٣٧) والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٣١٨).
(٣) أخرجه ابن ماجه في كتاب العلم (٣/ ٣٢٢) رقم (٣٦٦٦)، وأحمد في مسنده (٣/ ٧٨) رقم (١١٦١٠) والطبراني من حديث طويل (٦/ ٣٠٧) رقم (٨٨٦٦).