شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(باب القول في الوعد والوعيد)

صفحة 319 - الجزء 1

  وكذلك روينا عنه ÷ أن ملكاً من الملائكة سأل ربَّه زيارة النبي ÷ فقال الله - تعالى - لذلك الملك: «خَيِّر محمداً (بين⁣(⁣١)) أن أجعله عبداً نبياً أو ملكاً نبياً، فأتى إليه ذلك الملك ومعه جبريل # فقال ما أمره به ربّه ø فالتفت إلى جبريل كالمستشير له، فأوما إليه بالتواضع، فقال: بل أكون عبداً نبياً، فقال ذلك الملك: والله يا رسول الله لقد أخبرني بجوابك هذا ميكائيل تحت العرش⁣(⁣٢)»، والأخبار في مثل هذا كثيرة جداً.

  وقد روينا عن النبيء ÷ أنه قال: «أبشروا صعاليك المؤمنين بالفوز على الأغنياء يوم القيامة بمقدار خمسمائة عام، والأغنياء موقوفون يحاسبون على فضلات أموالهم، من أين اكتسبوها وفيم أنفقوها⁣(⁣٣)».

  ولا شك أنما نقص في الدنيا وزاد في الآخرة خير مما زاد في الدنيا، ونقص في الآخرة.

  وقال النبيء ÷: «الحمد لله الذي جعل لي أصحاباً أصبر نفسي في القعود معهم» فأنزل الله - تعالى - في ذلك قرآنا: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا}⁣[الكهف: ٢٨]، وهذا المغفل قلبه عُيينة بن حصن؛ لأنه نهى رسول الله ÷ عن مجالستهم لسوء حالهم، وقال له: (هذا مما ينفر عنك رؤساء العرب)، فنهاه الله تعالى عن مساعدته، وأخبره بأنه


(١) نخ (ن): أيحب.

(٢) أمالي أبي طالب ٤٣، عن علي بن عبدالله بن العباس عن أبيه. وروى نحوه الطبراني في الأوسط (٥/ ١٦٦) رقم (٦٩٣٧) والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٣١٨).

(٣) أخرجه ابن ماجه في كتاب العلم (٣/ ٣٢٢) رقم (٣٦٦٦)، وأحمد في مسنده (٣/ ٧٨) رقم (١١٦١٠) والطبراني من حديث طويل (٦/ ٣٠٧) رقم (٨٨٦٦).