[ذكر أن العترة شرط في صحة إجماع الأمة]
  و (العصمة): هي ما يختار المكلف معه فعل الطاعة وتوجب تكثير دواعيه إليها، وعند كافة الزيدية ومن قال بقولهم من المعتزلة كأبي علي وأبي عبدالله أن العترة معصومة، ولذلك قضوا بأن إجماعهم حجَّة، فلذلك قال: (أيَّدنا بعصمته).
  قوله: (واختصَّنا بفضله ورحمته): الإختصاص في أصل اللغة هو التمييز والإيثار، وقد آثرهم على الأسود والأحمر بما لا يمكن دفعه إلا بالمكابرة.
[ذكر أن العترة شرط في صحة إجماع الأمة]
  ألا ترى أن العترة إذا أجمعت(١) على حكم من الأحكام وخالفهم جميع الخلق لم يسع لهم خلافهم عند أهل البصائر، وردتهم الأدلة إليهم صاغرين.
  ومتى أجمعت الأمة أسودها وأحمرها، وخالفهم واحد من أهل البيت $ على قول ساغ له خلافهم، ولم يصح إدعاء الإجماع في تلك المسألة على قول الكافة!؟، وهذا غاية الإختصاص بالشرف الكبير، والتمييز بالفضل العظيم، وهذا لا ينكره أحد من أهل العلم ولا يجد سبيلاً إلى إنكاره.
[بيان أن المعصية تعظم بعظم النعمة وجلالة المنعم]
  ولما علمنا إختصاصه لهم بفضله في ذلك ورحمته؛ إذ حيلتهم وقوتهم لا تؤدي إلى شيءٍ من ذلك؛ إذ الأمر للحكيم دون عباده، أوجبنا عليهم من الشكر ما لم نوجب على غيرهم لإيجاب الحكيم لذلك عليهم بقوله: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ}[الحج: ٧٨]، والإجتباء هو الإختيار، وقد تقدم الكلام في هذه الآية مستوفىً فلا وجه لإعادة ذكره.
  وكانت المعصية منهم لذلك التفضيل والإختصاص أقبح وأشنع، والعقوبة على عاصيهم أشد؛ لأن المعصية تعظم بعظم النعمة، وجلالة المنعم، ولا أعظم منها نعمة، ولا أجل منَّةً، فله الحمد منعماً.
(١) في (ن): اجتمعت.