شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أن العترة شرط في صحة إجماع الأمة]

صفحة 331 - الجزء 1

  ألا ترى أن معصية الوالد أقبح من معصية غيره، وإن كان ذلك الغير منعماً لما كانت نعمة الوالد أكبر، وذلك ظاهر.

  ولمّا نزل قوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ٣٠ وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ٣١}⁣[الأحزاب]، أطبق الكافة من آل النبي ÷ أنهم مرادون بهذه الآية وإن أفردت النساء فيها بالذكر؛ لتعظيم المحنة بالتكليف فيعظم الأجر، كما وردت النصوص على أمير المؤمنين # بغير لفظ الإمامة، وكان في المقدور إيراد أجلى منها، كأن يقول سبحانه: إمامكم دون كل أحد بعد نبيكم علي ابن أبي طالب #، ويقول النبي ÷: لا تبايعوا أحداً بعدي، ولا تعقدوا الإمامة إلا لعلي ابن أبي طالب #، فلما ورد ذلك بأمر⁣(⁣١) يفتقر إلى الإستدلال لما في ذلك من مصالح المكلفين كذلك هذا؛ لأنا إذا علمنا أن هذا الإختصاص صار لنسائه لمجرد النكاح والمباشرة، وعلمنا أن ذريته من لحمه ودمه، علمنا أنهم بذلك أولى، ومثل ذلك لا يخفى على من له أدنى تأمل.

  وقد علمنا أن المعصية تعظم بشرف المكان والزمان، ولهذا يعلم أن العاصي في شهر رمضان أكثر جرماً وأعظم إثماً ممن عصى في سائر الأزمان، وبذلك ورد الأثر عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب # أنه جلد النجاشي الحارثي⁣(⁣٢) لما شرب الخمر


(١) في (ن): بأمور.

(٢) النجاشي: هو شاعر علي # وهو من بني الحارث بن كعب، وكان شاعر أهل العراق بصفين فلما ضربه علي # الحد لحق معاوية وانحرف عن علي #، وقد روى قصته في أمالي الإمام أحمد بن عيسى، والشفاء للأمير الحسين، قال في الأمالي: حدثنا محمد، قال: حدثنا عمرو بن عبدالله، عن وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن علي علي # أنه أتي بالنجاشي سكران من الخمر في رمضان فتركه حتى أضحى ثم ضربه ثمانين، ثم أمر به =