[بيان أن فسق الفاسق لايسقط وجوب الرجوع إلى المهتدي]
  في رمضان، جلداً كاملاً، وزاده عشرين جلدةً، وحبسه فقال: (الحد لشرب الخمر، والزيادة والحبس لحرمة الشهر).
  ومن ذلك أنَّا نعلم أن من أتى الفاحشة في المسجد يكون أعظم جرماً ممن أتاها في خانة الحمار، وبيت النار، ومعلوم أن بيت النبوة - شرف الله ذكره ما بقي الدهر - أعظم حرمة من المكان الذي هو المسجد والزمان الذي هو الشهر، وبمثل ذلك يضاعف لهم الأجر؛ لأن ثواب الطاعة في ذلك الشهر الشريف الذي هو رمضان - مثلاً - وذلك المكان الشريف الذي هو المسجد يكون أعظم بالإجماع، ولا ينكر ذلك من يعرف جمل الشرائع فضلاً عن مفرداتها، وبيت النبوة لا شك أولى بالشرف، فلذلك يضاعف لعاملهم الأجر.
[بيان أن فسق الفاسق لايسقط وجوب الرجوع إلى المهتدي]
  فإن قيل: قد أكثرتم في أمرهم، ونحن نعاين من أكثرهم المعاصي، ومنهم عندكم من هو ضال في الدين، فكيف يسوغ لكم تضيفون إليه أسباب الهدى ووراثة الكتاب!؟.
  قلنا: هذا سؤال من استوضح سلسال فرات الدين من مد بصره ثم قام هنالك، ولم يزاحم على شرائعه بمنكبيه، لأن ما ذكر لا يخرجهم من ذلك، وكيف يخرجهم والله عز من قائل، يقول: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٦}[الحديد]، ففسق الفاسق - كما ترى - لم يسقط وجوب الرجوع إلى المهتدي.
  وقال عز من قائل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}[فاطر: ٣٢]، فصرح ø
= إلى السجن، ثم أخرجه من الغد فضربه عشرين، قال: ثمانين للخمر وعشرين لجرأتك على الله في رمضان، رأب الصدع (٣/ ١٣٩٨)، ورواه أيضاً في الشفاء (٣/ ٣٣٣)، وقد روى قصته ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (٤/ ٢٩٩).