شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان أن دار الجزاء هي دار الآخرة]

صفحة 366 - الجزء 1

  إمَّا أن يقوموا بما كلفوا من ذلك فتلحقهم المشقة في دار الآخرة، وقد نفى الله - تعالى - ذلك عنهم بقوله: {لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ٣٥}⁣[فاطر].

  أو لا يقومون بذلك فيكونون قد أخلوا بواجب فيستحقون الخروج من الجنَّة والمصير إلى النار، وخلاف ذلك معلوم من دين النبيء ÷ ضرورة، والله - عز من قائل - يقول: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ٤٨}⁣[الحجر]، فقد رأيت ما أدت إليه هذه المقالة الفاسدة من الجهالات العظيمة، وتبين أن هذه الدار دار البلوى؛ لا دار الجزاء وأن دار الجزاء أمامنا، وأن الجزاء لا يلزم عليه تكليف آخر دون تفضيل الله - تعالى - لمن فضل في هذه الدنيا يتعلق به تكليف الشكر على الفاضلين، وتكليف الصبر على المفضولين، ولم يقل أحد من المسلمين إن هذه الدار دار مكافأة وجزاء؛ وإنما قال ذلك أهل التناسخ، وهم لا حقون بفرق الكفر، من حيث أثبتوا ما علم من دين النبي ÷ خلافه.

[بيان أن دار الجزاء هي دار الآخرة]

  [١٣]

  دَارُ الجزا يا قومِ دارُ الآخرهْ ... إنَّا أخذنا عَنْ بحارٍ زاخرهْ

  أولَ ما دِنَّا بِهِ وآخرَهْ ... فَلَمْ تكن صَفْقَتُنَا بِخَاسِرهْ

  هذا تأكيد لما بيناه أولاً من أن دار الجزاء هي دار الآخرة، وهذا مذهب أهل البيت $ وأتباعهم خاصة، وسائر المسلمين عامة، أن دار المكافأة والثواب على الطاعات هي دار الآخرة لا دار الدنيا، وإنما خالف في ذلك أهل التناسخ، والأمر فيهم ما قدّمنا، وهذا المذهب علمناه من دين آبائنا بالنقل المتواتر فكان العلم به ضرورياً، وعلمناه بأدلة العقول، ولأن المعلوم من دين النبي ÷ أن هذه الدار دار