[بيان أن دار الجزاء هي دار الآخرة]
  بلوى لا دار جزاء، ومنزل ترح لا منزل فرح، وهو - أيضاً - معلوم من دين آبائنا $ مشحون به تصانيفهم وآثارهم.
  وشبههم $ (بالبحار) لكثرة علمهم وسعة فهمهم، وهم كذلك وفوق ذلك - قدس الله أرواحهم -.
  وتمثيل العَالِم بالبحر جائز في اللغة، وقد كان ابن عباس ¦ يسمى البحر لكثرة علمه، وقيل مثل ذلك في عبدالله(١) بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب.
(١) عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب $.
كان عبدالله وحيد عصره ونسيج دهره من أعيان العترة، وفضلائها، وعلمائها، وممن إجتمعت فيه شروط الإمامة وتوفرت لديه خصال الزعامة، وهو أحد الذين اجتمعوا في دار محمد بن منصور المرادي وبايعوا الإمام القاسم بن إبراهيم بعد أن طلبوا من عبدالله بن موسى القيام فأبى، وهم: أحمد بن عيسى بن زيد، والحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد، والقاسم بن إبراهيم، ومحمد بن منصور المرادي، وعبدالله بن موسى وقصتهم مذكورة في لوامع الأنوار الجزء الثاني ٦.
كان متخفّياً في أيام المأمون إلى أن سُمّ علي بن موسى الرضا، ثم كاتبه المأمون لأن يظهر نفسه ليجعله مكان علي بن موسى ويبايعه، فأجابه برسالة طويلة منها:
فبأي شيء تعتذر فيما فعلته بأبي الحسن ~ يعني - علي بن موسى الرضا - أبالعنب الذي أطعمته حتى قتلته به، والله ما يقعدني عن ذلك خوف من الموت ولا كراهة له ولكن لا أجد لي فسحة في تسليطك على نفسي ولولا ذلك لأتيتك حتى تريحني من هذه الدنيا الكدرة ... إلى أن قال: فعلمت أن كتاب الله أجمع كل شيء فقرأته فإذا فيه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}[التوبة: ١٢٣]، فلم أدر من يلينا منهم فأعدت النظر فوجدته يقول: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[المجادلة: ٢٢]، فعلمت أن علي أن أبدأ من قرب مني فتدبرت فإذا أنت أضر على الإسلام والمسلمين من كل عدو لي لأن الكفار خرجوا منه وخالفوه فحذرهم الناس وقاتلوهم وأنت دخلت فيه ظاهراً فأمسك الناس وطفقت تنقض عراه عروة عروة فأنت أشد على الإسلام ضرراً ... إلى آخرها وهي مذكورة في مقاتل الطالبيين ٤٩٨، ولم يزل ¥ متوارياً إلى أن مات =