[كلام الإمام الهادي إلى الحق (ع) في التفضيل]
[نصُّ كلام الإمام الهادي (ع) في التفضيل]
  فمن ذلك ما ذكره # من كتاب (الفوائد) وقد سأله ابنه المرتضى - عليهما جميعاً أفضل السلام - عن التفاضل في الأجسام فقال: (وأمَّا ما ذكرت من التفاضل في الأجسام، فكل ذلك حكمة من ذي الجلال والإكرام، ولو لم يخلق الله الناقصَ، والأقطعَ، والأعورَ، والزَّمِنَ، لما عرف الكامل قدر ما أولاه الله من كماله، والله - تعالى - لم يكلف الناقص من العبادة إلا بقدر ما أعطاه من جوارحه، فنقصه ليعتبر به غيره، وأثابه في الآخرة بقدر ما نقص من جسمه.
  أو لا ترى أن الحكيم في فعله لا يُسأل عن شيءٍ من إثبات حكمه، فإذا شهد لله - تعالى - أنه حكيم فالحكيم لا يفعل فعلاً إلا بحكمة).
  فهذا تصريح منه # لا يغبى على عاقل منصف بإثبات الإمتحان، والعوض، والإعتبار، كما بينَّا في الآلام في باب العدل، وأن المحبوب والمكروه من ذلك حكمة، فانكشف لكل عاقل أنصف لنفسه أنَّا على منهاج آبائنا $ وأن من انتسب إليهم إنما انتسب للأغراض التي قدمنا من تلبيس الحال، وخديعة الجهال؛ لأنه # بين أن الله - تعالى - المتولي للمفاضلة بين عباده، وأنه لا ينبغي لأحد الإعتراض على الله - سبحانه - في شيءٍ من فعله مكروهه ومحبوبه، لثبوت حكمته، ولا يسأله لم فعل؟ لأنه قد ثبت كونه حكيماً، والحكيم لا يفعل إلا الحكمة، فالذي يقول كان يفعل كذا، ولم يفعل كذا، ولم يقل كذا، يطلب أن يكون إلهاً ثانياً، وذلك لا يجوز.
  وقد بينَّا أن الإله واحد في مسألة واحد، وقد قال سبحانه وتعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢]، لأن كثرة الآلهة توجب أن ينقم البعض على البعض، وذلك يوجب المغالبة واختلاف الأغراض، والعقول السويَّة لا تمنع من مخالفة الحكيم بين عباده، ولا يحسن الإعتراض عليه.
  ألا ترى في الشاهد أنَّا لو عرفنا رجلاً بين أظهرنا بالحكمة، ورأيناه يترك أهل العلل عنده في جهات مختلفة؛ فمنهم من يتركه مكاناً عالياً، ومنهم من ينزله مكاناً هابطاً،