[ذكر أقوال الأئمة (ع) في التفضيل]
  أعجب العجائب أن المخالفين لنا في الفضل والمفاضلة يظهرون للعوامّ أنهم قافون لأثره #، متبّعون لقوله، ولقد جاز ذلك على كثير من الناس، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى.
  ولقد جرى بيني مرّة وبين رجل ممن غرّوه من الشرف(١) مراجعة في أمر الفضل، فأنكره، فاحتججت بقول الهادي إلى الحق # وغيره في ذلك، ومن ذلك مسألة الكفاءة، فقال: أمَّا من قبل الإصل - وكسر الهمزة والصاد - فصدقت، فقلت في التفضيل بالإصل هو الذي أردت وكسرت الصاد مثله كما يحاكي لقوله، ومن قِبَلِ الجهل بأوزان الكلام، تركت منهاج آبائك $، وقلّدت العوام، ولم يكن ذِكْر ذلك من غرضنا وإنما عرض في الخاطر، والكلام ذو شجون.
  واعلم أن من تأمل أدنى تأمل في أحد الأدلة، فضلاً عن مجموعها، إمَّا في دلالة العقل، أو في كتاب الله - سبحانه وتعالى - أو في سنة الرسول، أو في إجماع الأمة، أو العترة، أو تتبع أقوال الأئمة $ علم صدق ما قلناه، ولكن وأين من يترك يصل إلى ذلك يمنعه من ذلك إيجاب الرجوع إلى قول الشيخ؛ لأن الشيخ يسند مذهبه إلى النبي ÷ عن جبريل عن الله - تعالى - وربما يلحق في الإسناد إسرافيل وميخائيل عن الله، وهذا المسكين المنقطع لا يعلم أن المذهب لا يُقْبَلُ إسناده جملةً إلى النبي ÷؛ لأن كل فرقة معترفة بنبوءته من جبري وعدلي تُسْنِدُ مذهبها جملة إليه، ولهذا تسمت المجبرة بالسُّنة والجماعة، وكذلك كل فرقة وإن أسندت مسائل كل مذهب مفصلة إذا روت ذلك لم يقبل منها في أصول الدين إلا ما يشترك في العلم به الكافة، لأن التعبد عام فيجب عموم أدلته؛ لأن التكليف بما لا يعلم جار في
(١) الشرف عزلة من بلاد حجور تشتمل على: الشرف الأعلى واسفل، وحجور: بلد واسع من بلاد همدان في الشمال الغربي من صنعاء على مسافة خمس مراحل. مجموع بلدان اليمن وقبائلها (١/ ٢٤٠).