شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر وقعة با خمرى التي قتل فيها إبراهيم بن عبدالله (ع)]

صفحة 410 - الجزء 1

  ثم بكى #، ثم قال: (اللَّهُمَّ إن كنت تعلم أن محمداً إنما خرج غضباً لك ونفياً لهذه النكتة السوداء، وإيثاراً لحقك فارحمه، واغفر له، واجعل الآخرة خيراً مرداً ومنقلباً من الدنيا).

  ثم بَكَى وبَكى الناسُ، فلما نزل بايعه بالإمامة علماء البصرة، وفقهاؤها، وزهادها، وبايعه المعتزلة مع الزيدية، ولم يتأخر عن بيعته من فضلاء البصرة أحد، إلا أن المعتزلة إختصوا به مع الزيدية، ولزموا مجلسه، وتولوا أعماله، واستولى على واسط وأعمالها، والأهواز وكورها، وعلى أعمال فارس، وكان أبو حنيفة من دعاته سراً ولم يقطع مكاتبته، وشرح أمره # يطول، واعتذر إليه أبو حنيفة⁣(⁣١) بودائع كانت للناس عنده في الجهاد بين يديه # فعذره، وكانت مدة إمامته ~ عن هذه الجملة شهرين، ثم توجه إليه أبو جعفر⁣(⁣٢) في أول ذي الحَجَّة الحرام،


(١) أبو حنيفة: النعمان بن ثابت التميمي فقيه العراق وصاحب المذهب المشهور بالحنفي، ولد سنة ثمانين وكان عالماً فقيهاً ورعاً زاهداً عابداً ذا شأن عظيم وخطر جسيم، وكان من أهل المحبة والولاء لأهل البيت $، وأخذ علمه عن الإمام الأعظم زيد بن علي بلا واسطة، وأخذ عن الباقر محمد بن علي، وجعفر الصادق وعبدالله بن علي بن الحسين والحسن بن الحسن المثنى وعبدالله بن الحسن الكامل، وتواتر بأن أبا حنيفة كان يفتي بالخروج مع محمد وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن الكامل وبايع لهما، وقام أيضاً بنصرة الإمام زيد بن علي #، وكان ذلك هو سبب موته سمه أبو جعفر المنصور في شهر رجب سنة خمسين ومائة رحمة الله عليه.

(٢) أبو جعفر المنصور، هو: عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس الهاشمي الدوانيقي ولد بالشراة في ذي الحجة سنة (٩٥ هـ) وهو الخليفة الثاني من خلفاء بني العباس بويع له في ذي الحجة أيضاً سنة (١٣٦ هـ)، كان عالياً من المسرفين والطغاة المتجبرين سفاكاً لدماء العترة الزكية كم قتل من أهل البيت $ في عصره، وتوفي في ذي الحجة سنة (١٥٨ هـ) عن ثلاث وستين سنة وشهور، وكانت مدة ولايته (٢٢ سنة).