[ذكر أقوال الأئمة (ع) في التفضيل]
  وشرح هذا الباب يطول ومحبتنا الإختصار.
  فلما وصل إلى هارون تلقاه بالبشاشة والبشر، وأعطاه مالاً خطيراً، فأخذه # وراح إلى المدينة فقضى منه ديون الحسين بن علي الفخي ~، ووصل أرحامه، وفرق على أهل بيت النبوءة $ من ولد الحسن والحسين خصوصاً، وعلى المسلمين عموماً باقيه، ثم نُكِسَ هارون بعد ذلك على رأسه، فأمر من أزعجه # من المدينة، وحبسه إلى أن مات، واختلف في موته فمنهم، من قال: قتله، ومنهم من قال: ضيق عليه في الطعام والشراب حتى مات، بعد أن رأى في الزبيري(١) من أمر الله ما يكون حجَّة عليه يوم القيامة.
(١) الزبيري، في كتاب أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله هو: بكار بن مصعب الزبيري، وفي الإفادة وغيرها هو عبدالله بن مصعب الزبيري صاحب الوشاية بيحيى بن عبدالله #، وذلك أن الزبيري إدعى على يحيى بن عبدالله أنه دعاه إلى بيعته وقد ذكر هذه القصة أحمد بن سهل الرازي في كتابه أخبار فخ، ويحيى بن عبدالله، وذكرها أيضاً أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين برواية تقرب من رواية الرازي، وسنورد القصة بتصرف وإختصار من كتاب أحمد بن سهل الرازي (٩٩):
وذلك أن هارون الرشيد دعى يحيى بن عبدالله فجيء به مكبلاً في الحديد وعنده بكار بن مصعب، وكان هارون يميل إليه لسعايته إليه بآل أبي طالب، فلما دخل يحيى بن عبدالله قال هارون: هاها، وهذا يزعم أيضاً أنا سممناه، فقال يحيى: ما معنى يزعم هذا؟ وأخرج لسانه مثل السليق فتربد وجه هارون واشتدّ غضبه، فقال له يحيى عند ذلك يا أمير المؤمنين إن لنا منك قرابة ورحماً ولسنا بترك ولا ديلم فإنا وأنتم أهل بيت واحد فأذكرك الله بقرابتنا من رسول الله ÷ علام تعذبني وتحبسني؟ فرَّق له هارون وهم بتخليته، قال: فأقبل الزبيري على الرشيد، فقال: يا أمير المؤمنين لاتسمع كلام هذا فإنه شاق عاص، ودار بينهما خطاب وحوار، ثم قال يحيى بن عبدالله لهارون: والله ما سعى هذا بنا إليك نصيحة منه لك، ولكن عداوة منه لنا جميعاً إذ قصرت يده سعى بنا عندك كما سعى بك عندنا من غير نصيحة منه لنا يريد أن يباعد بيننا ويشتفي من بعضنا بعضاً؛ لأنا أهل بيت رسول الله دونه، لقد جاءني هذا حين قتل أخي محمد بن عبدالله، فقال: فعل الله بقاتله وأنشدني فيه مرثية عشرين بيتاً وقال لي: إن خرجت في هذا الأمر فأنا أول من يبايعك، فتغير وجه الزبيري وأسود =