[بحث يتطلب التدبر والإستماع في من يدعي ما ليس له]
  حِبرٍ بكلِّ غامضٍ علاَّمِ ... وذكرُهُ قد شاعَ في الإسلامِ
  هذا إلزام لازم لمن قال لا فضل إلاَّ بعمل، قال: فما تقول في عامل أكمل كل عمل، وفهم كل علم، وشاع ذكره لأحواله هذه في الإسلام، يريد في بلاد الإسلام.
  [٣٣]
  لم يبقَ فنٌّ مِنْ فُنُونِ العلمِ ... إلاَّ وقد أضحى لهُ ذا فَهْمِ
  وهو إلى الدِيْنِ الحنيفِ ينْمِي ... مُحَكَّمُ الرأي صَحِيحُ الجسمِ
  معنى هذا البيت قريب من معنى الأول؛ لأنه فصَّل تلك الجملة المتقدمة، وهو يريد بالجميع: أنه قد أحرز خصال الكمال التي تعتبر في الأئمة $ في باب العلم، والعمل، وجودة الرأي، وصحة الجسم، ولم يبق إلاَّ أمر واحد وهو المنصب، فإن أوجبوا إعتباره أقرٌّوا بالفضل ضرورة، وإن لم يوجبوا إعتباره لحقوا بالخوارج وكان الكلام على الجميع واحداً، وظهر أن نسبتهم إلى أهل البيت $ غير مستقيمة، وأنها إنما وضعت للتستر من الناس وتلبيس الحال، وهذا لا يغبى على عاقل منصف.
  [٣٤]
  ومالهُ أصْلٌ إلى آلِ الحسنْ ... ولا إلى آلِ الحسينِ المؤتمنْ
  بَلْ هُو مِنْ أرفع بيتٍ في اليمنْ ... قَدِ استوى السرُّ لديهِ والعلنْ
  يقول: هو من أفضل بيت من قَحطَان؛ لأن لفظ اليمن إذا أطلق أفاد أبناء قحطان في العُرف وسموا بإسم بلادهم؛ لأن إسمها اليمن، يقول مع ذلك تأكيداً للبيان لهم: إن هذا العامل العالم الذي تقدم ذكره من أرفع بيت في أبناء قَحطَان، وقَحطَان أحد قبيلتي العرب المعظمين على سائر أجناس الناس عند من كان له معرفة بالعلوم وتحصيل في الآثار، والقبيل الثاني نِزَار، وهذان القبيلان كنفا الدنيا شرفاً، وعدلاها رجاحة، فلم يبق على هذا القول، لمن قدمنا ذكره، شيءٌ من خصال الكمال إلاَّ ولادة رسول الله ÷، ثم قال ظاهره وباطنه سواء في إخلاص الطاعة لله سبحانه وتعالى.
  [٣٥]
  ثم انبرى يَدعو إلى الإمامهْ ... لنفسهِ الوَاجِبَةِ القوَّامَهْ