[ذكر أقوال الأئمة (ع) في التفضيل]
  أوجبنا رومياً، وهذا ظاهر، فالمساوي بين من ذكرنا وبين النبيء ÷ لا يتمكن من الرجوع إلى الحق، واتباع ما عليه أشرف الخلق؛ لأن أكثر ما لزمه صيرورته بين أمرين أهونهما ترك وجوب المساواة على من بيده الإنشاء، وله فعل ما يشاء، وذلك هو الواجب فلا وجه للإمتناع منه.
  ثم عقب ذلك بقوله: (ما الليث عندي فاعلموا كالثعلب): وتحسب أن يكون كذلك عند جميع العقلاء إلى آخر القافية؛ لأن من هذه الفرق الجاحدة فضل رسول الله ÷ وفضل عترته من بعده وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، من سمعناه يقول بلا حشمة لوهن الإسلام ولا حياء، إن العبد والنبي ÷ عند ولادتهما في الفضل سواء، ونسي عدو الله أن النبيء ÷ لما ولد خرَّ ساجداً(١)، واحتفت به الملائكة $، وأشرقت الآفاق، وكثرت النجوم، ورجمت الشياطين، ومنعوا من الإستماع، وغسّلته الملائكة $
(١) وثالث عشرها: سأل أيده الله عما روينا من سجود نبينا ÷ يوم مولده، ثم عقله أولاً عبادة وغيرها، وما الفائدة إن كان غير مكلف، وأحد لا يقول بتكليف في تلك الحال؟
الجواب عن ذلك: أن خواص الفضل لنبينا ÷ كثيرة، لو شرحناها لطال الشرح، وهذا من أول خواصه - عليه وعلى آله السلام - ولا مانع من كمال عقله في تلك الحال، لتكون من خواصه ويكون سجوده بإلهام؛ لأن التعبد بالشرع لا يكون إلا عن وحي، فيكون زوال العقل عقيب السجود لانتظام الحكمة.
وهذا لا يستبعده من يعلم أن الله يحكم ما يشاء، ويختار ما يريد، وأن الفضل بيده يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ويكون ذلك القدر عبادة وشكراً، وحمداً لله سبحانه وذكراً، فنحمد من وفّقنا بمعرفة حمده وشكره، واختصنا بجليل إحسانه، وغمرنا بصافي بره، وجعل أفضل ذلك لهداية الإيمان، والتوفيق لاعتماد الدليل والبرهان، وجعلنا من الذرية المرضية، والعترة الطاهرة الزكية، حمداً كثيراً.
فهذا ما اتفق في هذه المسائل على قدر الإمكان وترادف الأشغال، وضيق المجال، ومن الله نستمد الهداية في البداية والنهاية.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم.