[ذكر وقعة الطف للحسين بن علي بن أبي طالب (ع)]
  - رحمة الله عليهم - ويتألمون لهم من الشهادة، ويتأسفون على الحياة التي هي جل همتهم، ولها يعملون أنواع الحيل في المآكل والمشارب، وما حكى الله - تعالى - الحرص على الحياة إلاَّ عن اليهود كما حكى الله عنهم أنهم أحرص الناس على الحياة، وأن أحدهم يود لو يعمر ألف سنةٍ، وأمَّا المؤمنون فالموت عندهم غير كريه وبذلك وصفهم خالد بن الوليد في كتابه إلى الفرس، وهو طويل، قال في آخره: (فإن لم تقبلوا شيئاً من ذلك فوالله لآتينكم بقوم يحبُّون الموت، كما تحبون الحياة والسلم)، وقد علم من حضر ذلك المقام أن الموت كان إلى أولئك الصَّالحين - رحمهم الله - أحبُّ من الحياة، وأنهم سألونا أن نسأل الله لهم أن يرزقهم الشهادة، واستخرنا الله لنا ولهم، فكان ما كان، وكذلك من حضرنا من جميع الشرق والغرب يعلم علماً يقيناً من حالنا، أن الموت هناك كان من إرادتنا وأنا ما تأخرنا وبيننا وبين أعداء الله ø عربي ينطق بالشهادة فوقع تأخرنا لَمّا انتهى الأمر إلى هذه الحال، رعاية للإسلام، وحدباً على الدين، ورجاء من الله أن يسد بنا ما انثلم، ويجبر بنا(١) ما انهاض، ويجعلنا من النقم الكبار على أعدائه، والمنن الجسام على أوليائه، واقتدينا في ذلك بجدنا الهادي # في يوم أتوه وما يشاكله من الأيام، فنسأل الله - تعالى - التوفيق.
  فهذه حال أتباع العترة وأحبائهم(٢)، ولقد تأسف كثير من إخواننا - نسأل الله توفيقهم على فوت مثل ما لحق إخوانهم - وتمنوا أنهم رزقوه، ونعم الرزق على الحقيقة؛ لأن الشهادة ثمن الجنَّة.
  قوله: (وطلبوا لكل أمرٍ علَّهْ) كما فعل كثير من أهل عصرنا هذا الذين أنكروا فضل العترة الطاهرة، وزعموا أنهم أولى بالحق منها حتى أن القائم إذا قام قالوا لا نتبعه لأنه لايرى برأينا، وعكسوا في ذلك الواجب، إذ الواجب عليهم الرجوع إلى رأيه، والإنقياد لأمره، وهذا كما ترى رأي الخوارج؛ لأنهم قاموا على أمير المؤمنين #؛
(١) نخ (ن): لنا.
(٢) في (ن): أحبابهم.