[ذكر وقعة الطف للحسين بن علي بن أبي طالب (ع)]
  لأنه لم يرجع إلى رأيهم، فعلة الخلاف في هذا قديمة، فالواجب على العاقل التيقظُ وتركُ التقليدِ، والمناقشةُ والتفتيشُ عن أصول البدع لتنجو بترك ما هلك به سواك، وتسعد بما شقي به غيرك، فهذه التجارة المفيدة.
  فأمَّا الناجمون في عصرنا هذا الذين لا يوجبون طاعة قائم، ولا يعدم فيهم له على إظهار كلمة الحق لائم، فهم فتنة كما حكى الله - تعالى - عن أمثالهم بقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ٤}[المنافقون]، لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر، إلاَّ إذا درت معايشهم، وسلموا في أمور دنياهم، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ونعوذ بالله من سوء الإختيار، وعمل يوجب الخلود في النار.
[تسليم أصحاب الحسين الفضل لأهل البيت (ع)]
  [٤٥]
  بَل سَلَّمُوا الفضلَ لأهلِ الفضلِ ... واستَهْدَفُوا من دُونِهم للقتلِ
  واعتَمَدُوا الضربَ بِكُلِّ نَصْلِ ... مُقَدَّمِ الصُّنْعِ حديثِ الصَّقْلِ
  هذا صدر من ذكر من قد تقدم ذكره من أشياع العترة وأتباعهم المعترفين بحقهم، المقرين بفضلهم على جميع البشر بعد أبيهم وجدهم، فسلموا الفضل لهم، وهم بحمد الله أهل الفضل الباهر، والشرف الظاهر، وإن أنكر الملحدون، وعَنَدَ الجاحدون، وكيف ينكر فضل قوم لا تتم الصلاة إلاَّ بذكرهم، ولا تنال النجاة إلاَّ بإتباع أمرهم؟
  فقال في صفة أتباع أمرهم - رحمة الله عليهم -: (إنهم استهدفوا من دونهم للقتل)، يريد أنهم تقدموا فصاروا بمثابة الهدف المنصوب للسهام والرماح والسيوف، وذلك أن الأمر لَمّا اشتد عليهم - رحمهم الله تعالى - جعلوا يتنافسون في التقدم إلى الله - تعالى - خيفة أن يروا في عترة نبيهم ÷ ما يسؤهم من الجراح