[باب إثبات الصانع]
  ومنهم من يزعم أن الروح في قلب الإنسان وهو(١) حي عالم، وهذا يروى عن النظَّام(٢).
  ومنهم من يزعم أن الروح جسم لطيف مؤلف تأليف الإنسان إلا أنا لا نراه، وهذا القول يروى عن قوم من الإمامية وأصحاب الحديث.
  ومنهم من يقول: إنها خلقت قبل هذه الأجساد وعرض عليها التوحيد لقوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}[الأعراف: ١٧٢]، إلى خرافات ينسبونها إلى النبي ÷ لا طريق إلى تصحيحها، ولا مُلجئ إلى الكلام فيها.
  فأما هذه الآية في قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}[الأعراف: ١٧٢] فظاهرها يقضي بتقدم الأجساد على الأرواح؛ لأن الظهور لا يكون إلا في الأجساد، فإذا أخرجت منها فهي قبلها، والأصل في تشعب هذه المقالات إهمال العقول، وإطراح الدليل، ومخالفة الرسول ÷ في أمر هذه الأمة بالرجوع إلى أهل بيت نبيها، الذين شهد لهم بملازمة الكتاب، إلى يوم الحساب، وأخبر أن فيهم العلم والصواب؛ لأن أهل هذه المقالة لايجدون إلى ما يدعون منها دليلاً، ولا يهتدون له سبيلا، ولو كان لهم دليل أو شبه(٣) دليل لتكلمنا عليه، فالحمد لله الذي جعلنا لذلك أهلاً، وموضعاً ومحلاً، وكفى بالمذهب فساداً أن لا يقوم عليه دليل.
(١) الضمير عائد إلى الروح؛ لأن النظام يقول: إن الروح مستطيع بنفسه، حيٌّ بنفسه، وإنما يعجز لآفة تدخل عليه، والعجز عنده جسم كما ذكر ذلك عنه عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفِرَق ص ١٣٦
(٢) النظام: هو أبو إسحاق إبراهيم بن سيار النظام البصري المعتزلي يقال: هو مولى، قال الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى في شرح الملل والنحل، قيل: إنه كان لايكتب ولايقرأ وقد حفظ التوراة والإنجيل والزبور مع تفسيرها، قال الجاحظ: مارأيت أحداً أعلم بالفقه والكلام من النظام، وهو من الطبقة السادسة من المعتزلة، انتهى.
وسمي نظاماً لأنه كان ينظم الكلام، وقيل كان خرازاً ينظم الخرز توفي سنة بضع وعشرين ومائتين.
(٣) (ن، م): شبهة.