[ذكر أقوال الأئمة (ع) في التفضيل]
  النسيان، والخبر الذي قدمنا ظاهر في الأمة والأئمة حتى قيلت فيه الأشعار، فمن ذلك قول الصاحب(١) الكافي - نفعه الله بصالح عمله - حيث يقول:
  أحبّ النبيّ وآل النبي ... لأني ولدتُ على الفطرةِ
  إذا شكّ في ولدٍ والدٌ ... فآيته البُغْض للعترةِ
  فأدرج معنى الخبر ونظمه شعراً، وكان من المجيدين.
  قوله: (ما كذب الحيَّ الحلال الرائدُ): هذا مثل من أمثال العرب الدائرة في كلامها، يقولون: الرائد لا يكذب أهله، والرائد هو الذي يقص لهم الكلأ والماء إذا أرادوا إنتجاعه فهو يصدقهم لا محالة؛ لأنه مشاركهم في نفع ذلك وضره، يقول: فكما أن ذلك الرائد لا يكذب أهله أنا لا أكذبكم أيها الإخوان؛ لأن أهل البيت $ روّاد أهل الإيمان؛ بل رعاتهم وحماتهم من أُسود أهل الطغيان، إلاَّ أن تشرد عنهم شاردة، أو تفرد فاردة، فتفترسها عواسِلُ الذوبان، فتلحق مراقيها بالسحاب، وتصل نفسها في التراب، وذلك لايكون إلاَّ في أخبث البهائم نفساً، وأردأها جنساً، فكيف يرضى عاقل لنفسه بمثل هذه الحال، ويشذّ عن هداته، وينفر عن ولاته، ليتمسك بما لا دليل عليه؟
(١) الصاحب الكافي: هو إسماعيل بن عباد بن العباس أبو القاسم الطالقاني، الملقب بالصاحب بن عباد، ولد سنة (٣٢٦ هـ) لقب بالصاحب لصحبته مؤيد الدولة من صباه، وكان متولياً للوزارة لبني بويه، وكان مجلسه يمتلئ بالعلماء، وكان الصاحب من أئمة العدل والتوحيد، ومعدوداً في جملة الشيعة، وكان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً وجيهاً، كان نادرة العصر، وأعجوبة الدهر، وكان ممن بايع الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني، وله الكثير من القصائد الشعرية في الأصول، وفي فضائل أمير المؤمنين علي # وفي العدل والتوحيد وغيرها، وله أيضاً الكثير من الكتب والرسائل، وكان يقول: ما تحت الفرقدين مثل السيدين، يريد بالسيدين: الإمام المؤيد بالله، والإمام أبو طالب @، وتوفي رحمة الله عليه في شهر صفر سنة (٣٨٥ هـ).