[ذكر طرف من كلام الناس في الروح والعقل]
  فإن أجاب عن الجميع فهو كاذب، وإن كف(١) عن الجميع فهو كاذب، وإن أجاب عن أصحاب الكهف وذي القرنين وأجمل الجواب عن الروح فهو نبي صادق، فأتوا إليه فسألوه، فأمره الله بما حكى في كتابه، وأمسك عن الروح، فلزمت الحجة لله - تعالى - ولرسوله ÷ الفريقين من قريش واليهود، ولا يمتنع في الحكمة
= وأحبه الله، وناصر الله فنصره الله، فضربوه على قرنه، فمكث ما شاء الله، ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر، وإنما سمي ذو القرنين؛ لأنه المضروب على جانب رأسه)، رواه في البرهان في تفسير القرآن للإمام أبي الفتح الديلمي.
قال الإمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى # في كتابه (سلوة الأولياء في معرفة سيرة الأنبياء): واختلف في ذي القرنين وأهل الكهف هل كانوا قبل عيسى أم بعده؟ والصحيح أن ذا القرنين كان قبله قيل: رأى في النوم أنه لازم بقرني الشمس أي جانبيها فسمي ذا القرنين وقيل: لانتمائه إلى قرني الأرض أي طرفيها، وقيل: كان له كقرني الظبية من ذهب، وقيل: من نحاس، قال نشوان: هو من حمير، قال ابن إسحاق: هو رجل من أهل مصر واسمه مَرّزبا بن مَرْزَبه اليوناني من أولاد يونان بن يافث بن نوح، وقيل: بل هو الإسكندروس من الروم ابن العجوز لا ولد لها غيره، وقيل: إنه ملك بدليل أن عمر بن الخطاب حين سمع رجلاً يدعو ولده يا ذا القرنين فقال: ما كفاكم أن تسموا أولادكم بأسماء أولاد الأنبياء حتى تعديتم إلى أسماء الملائكة، والصحيح الأول.
وحكى في كتاب التيجان أنه كان كافراً وأسلم على يدي الخضر # وقيل كان نبياً. ومن حكايات الإسكندر أنه مر بقوم صالحين قبورهم على أبوابهم ولا أبواب على بيوتهم، ولا لهم أمير ولا قاضي ولا فيهم غني ولا فقير ولا يتفاضلون ولا يقحطون فتعجب وسألهم عن ذلك؛ فقالوا: أما القبور فقربناها لئلا ننسى الموت، وأما ترك الأبواب فلأنه لا خائن فينا، وأما الأمير والقاضي فلأن كلامنا يوفي ما عليه ولا يتعدى على غيره، وأما الغنى والفقر فلأنا لا نرى التكاثر بل نحب المساواة، وأما عدم المفاضلة فلأنا متواصلون متراحمون لا يرى أحد لنفسه فضلاً على غيره، وأما عدم القحط فلأنا لا نغفل عن الاستغفار. قال: فهل كان آباؤكم كذلك؟ قالوا: نعم، قال: لو كنت مقيماً لأقمت معكم. وأما أهل الكهف فالأصح أنهم خرجوا قبل عيسى وانتبهوا بعده. انتهى.
(١) في (ن، م): وإن كف عن الجواب على الجميع.