[سبب البسط في تفسير هذا البيت]
  منها: أنها حركات متداركة(١) توجد وتعدم في أجسام الهواء فلا بد لها من موجد وذلك لا يكون سوى الله تعالى.
  ومنها: أن الهواء إنتقل لأجلها من جهة إلى أخرى، والإنتقال على القديم محال، فإذا صح إنتقاله وجب حدثه؛ لأن الموجود إذا استحال كونه قديماً؛ وجب كونه محدثاً، وإذا وجب حدثه كان لا بد له من محدث وهو جسم، ولا يصح حصوله من جسم لاستحالة وجود الأجسام من الأجسام لأن الأجسام قادرة بقدرة، والقادر بالقدرة لا يصح منه فعل الأجسام، لولا ذلك لصح من أحدنا أن يفعل لنفسه ما يشاء من الأموال والأولاد، ومعلوم خلاف ذلك، فلا فاعل له إلا الله - تعالى - لاستحالة وجود الفعل من غير فاعل كما نعلمه في أفعالنا، وعلة حاجة أفعالنا إلينا في(٢) حدوثها وقد شاركها في ذلك كل محدث وذلك مبسوط في كتب الكلام.
  ومنها: أنها مختلفة، كما قدمنا، في جهاتها، وخواصها، وصفاتها، ولو كانت قديمة لما جاز عليها الإختلاف، وإذا لم تكن قديمة فهي محدثة لأن الموجودلا بد له من ذلك، ومحدثها هو محركها في الجهات.
  و (الإنشاء): هو الإحداث.
(١) السؤال الثالث من مسائل الشريف نور الدين: وثالثها: سأل أيده الله عن الرياح حركات متداركة، فعلى هذا هي عرض لا جسم.
الجواب عن ذلك: أنها حركات في أجسام الهواء وما كان كذلك سمي رياحاً، والحركة وحدها لا تكون رياحاً، والأسماء لا ينكر تعلقها بالأمور على وجوه، ألا ترى أن الإنسان مجموع أجزاء كل جزء منه على الإنفراد لا يسمى إنسان، فإذا اجتمع أطلق عليه اسم الإنسان، ألا ترى أنك لو وجدت أعضاء متفرقة لأضفتها إلى الإنسان، تقول: هذا رأس إنسان، ويد إنسان حتى تأتي على جميع الأعضاء؛ فما الإنسان والحال هذه إلا مجموع هذه الأعضاء، كذلك الرياح اجتماع الحركات في الهواء فإن سَكَنَّ رجع إلى الاسم الأول، وقيل: هواء.
(٢) في (ن): ناقص: في.