مقدمة التحقيق
مقدمة التحقيق
  
  الحمد لله ربِّ العالمين، الحمد لله الذي خلق الإنسان فجعله سميعاً بصيراً، وخلق له عقلاً مُسْتَنيراً؛ ليصلَ به إلى معرفة السبيلين، واستبانة ما ينفعه في الدارين، وتابع إليه حُجَجَهُ عن طريق الأنبياء والمرسلين، وأنزل الكتب وأبان السبل؛ لئلا يكون للناس على الله حجّة بعد الرسل.
  وصلواته وسلامه على المبعوث رحمةً للعالمين، الذي تركنا على المحجّة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، الذي قال فيه ربّ العالمين: {وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ ٤٤}[النحل]، وقال تعالى آمراً لأتْبَاعه باتِّبَاعه: {وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ}[الحشر: ٧]، فصلوات ربي وسلامه عليه بكرة وأصيلاً، وعلى آله الكرام الطيبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، خلفاؤه على أمته، والقائمون بعده بإبانة منهاجه وسنته، الذين بذلوا أنفسهم ونفيسهم في سبيل حمل هذا الدين، وكافحوا من أجل إيصاله إلى مَنْ بعدهم بكلّ ما أُوتوه من قوّة، الذين بانت فيهم معجزة جدّهم رسول الله ÷ حيث يقول في الحديث النبوي الشريف المتواتر: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».
  وهذا عصرنا بعد أكثر من ألف وأربعمائة وستة وأربعين عاماً وما زال الحديث ساري المفعول، نجد الثقلين كليهما: الكتاب، والعترة المقترنين بالكتاب في عصرنا الحاضر كما هم في كل عصر، يوضِّحون ما اسْتَبْهَم، ويفتحون ما استغلق، وينفون عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فتوكلوا على الله واعتبروا يا أولي الأبصار.