بداية علم الحديث عند الزيدية
  وبعد، فها نحن نقدم للقارئ الكريم هذا الكتاب الذي بين أيدينا، الكنز الثمين فيما نُقِل إلينا من سنة النبي الكريم، عن طريق عترته الأكرمين، وهو كتاب (أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد $) فنضع بعض السطور نتكلَّم فيها عما مرَّ به علم تدوين الحديث النبوي الشريف في مدرسة أهل البيت $ عند الزيدية، ونتكلّم عن الكتاب ومسنده وجامعه، وغير ذلك مما له صلة بالموضوع إن شاء الله تعالى؛ فنقول:
بداية علم الحديث عند الزيدية
  بما أنَّ أهل البيت $ هم حَمَلَةُ الدين وقرناء القرآن الكريم، والموضِّحون لما أَشْكَلَ، والمبيِّنون لما أجمل؛ فإنهم اهتموا بعلوم الدين قاطبة، بل وقيّدوها بالتدوين والتأليف في كل فنّ من الفنون، وإن كانت الأعصار الأولى قبل عصر التدوين قد غلب فيها اعتماد جميع المسلمين على التلقي للعلوم خلفاً عن سلف علماً وعملاً؛ فلما توالت السنون، وابتعد الناس عن عصر الرسالة هرعوا إلى التدوين، وكلٌّ في فنه وعلى طريقته التي اجتهد في ابتكارها.
  فكان في طليعة المدونين أهل البيت $ بما دوَّنوه عن آبائهم الأكرمين، وإذا نظرنا للسنة النبوية الشريفة رأينا الباع الطولى لإمام الزيدية الولي بن الولي الإمام زيد بن علي (٧٥ هـ - ١٢٢ هـ) فقد اشتهر عنه كثير من الرسائل والمدونات في التفسير وغيره، ومن ذلك مجموعه الفقهي والحديثي، وهو قبل موطأ مالك بن أنس (٩٣ هـ - ١٧٩ هـ).
  ثم تتابعت التآليف من بعده، من ذلك: الأمالي لحفيده الإمام أحمد بن عيسى بن زيد $ (ت: ٢٤٧ هـ) وهو هذا الكتاب الذي بين أيدينا وهو قبل كثير من كتب الحديث عند أهل السنة، وللإمام الهادي # (ت ٢٩٨ هـ) كتاب الأحكام وكتاب المنتخب والفنون، والأمالي للمؤيد بالله # (ت ٤١١ هـ) وله أيضاً التجريد وشرحه، وأمالي أبي طالب (ت ٤٢٤ هـ) وله أيضاً التحرير