الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

(797) مسألة: وقت فرض طاعة الإمام

صفحة 63 - الجزء 2

  وقال أبو عبد الله محمد بن القاسم: كان أبي ¥ يقول في هذه المسألة: إن الأرض لا تخلو من حجة الله، والحجة عنده كتب الله وحقائق برهانه، وهذه حجة الله على جميع خلقه، وإنه لا بد أيضا في كل قرن من أن يكون فيهم عالم هو أفضلهم وأعلمهم، وإن لم يبلغ علم مَن مضى قبله، فهو في أيامه ودهره في فهمه وعلمه، وإن قصر (عن) مبلغ أفاضل العلماء من آل النبي الذين مضوا، في ما تقدم في أول الإسلام وخلا، لأنه لا يقول أحد يعقل وينصف: أن كان بعد علي # من علماء آل النبي ÷، (من) كان من العلم والفقه على مثل ما كان عليَّ صلى الله عليه قد أحاط به وآتاه، كما لم يكن علي # في فضل علمه، يبلغ ما آتي الله النبي ÷ من فضائل الحكمة والعلم والفضل في جميع أحواله.

  وأما ما كان يروي: (أن من مات لا إمام له مات ميتة جاهلية)، فتفسيره واضح مشروح، أن الله قد فرض على خلقه في كل حين، إقامة أحكامه وشرائعه التي نزل في كتابه وسنن نبيه، ولا يقيم ما فرض الله من الأحكام إلا أن يحكم بها الإمام، فإن لم يكن إمام يقيمها ويحكم بها، كان على الناس طلبه حتى يقيموه للأحكام وينفذها، فإذا كانت دار الإسلام قد علت عليها أئمة الجور، لزم أهل الإسلام مجاهدتهم وإزالتهم حتى يقيموا إماماً عدلاً، يؤمهم ويقيم أحكامهم عليهم، وينفذ مقاسم الفيء التي أمر الله بقسمها فيهم، فإن كان الغالب عليهم الجورة من الأئمة الظلمة، كان الغرض من الله فيهم المحاربة والمجاهدة، فإنما الناس أبداً بين أمرين: إما أن يكون مع إمام حتى يقوم بأحكام الله في الدين، فيكونون مؤتمين بإمام حق ورشد في الدين، وإن كانوا في دولة الظالمين العاصين،