الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

(152) مسألة: الغسل من النفاس

صفحة 185 - الجزء 1

  وقد ذكر عن النبي ÷ في المحيض واختلاف أسمائه، أنه قال لمرَةٍ كانت معه من نسائه، فطمثت، فوثبت فقال لها صلى الله عليه: «مَالَكِ أَنَفِسْتِ» وفصحاء العرب والناس، يدعون المحيض باسم النفاس، والنفاس وإن دعي محيضاً، فقد يدعا طمثاً أيضاً. وقد فسر الله سبحانه: {وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِيضِۖ قُلۡ هُوَ أَذٗى فَٱعۡتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلۡمَحِيضِ وَلَا تَقۡرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطۡهُرۡنَۖ}⁣[البقرة: ٢٢٢]. فأوجب من ذلك كله التطهر، وأمر فيه كله من الغسل بما أمر، فأوجبنا اتباعاً فيه لأمر الله وتنزيله، واستدلالاً بما دل الله به عليه من دليله.

  فإن سأل سائل عن الكدرة والصفرة، وما يعرض من ذلك في بعض الأحوال لِلْمَرَةِ؟

  قيل: أما ما كان من ذلك بين فترات دفق الدم، وكان وقت محيضها فيه لم تقطع بعد عنها ولم تنصرم، فهو من المحيض ودمه، والحكم فيه عليها كحكمه، فإذا انقطع عنها المحيض وهو خالص الدم ومحضه، وجب عليها عند انقطاعه عنها الغسل ولزمها فرضه، لأن المحيض والدم إنما هو ما كان خالصاً محضاً، كما أن المحيض منه ما كان مشوباً بغيره متمحضاً، من دلائل ذلك أيضاً قول بعض العرب: إنا لنشرب اللبن محيضاً ومحضاً، يريد بالمحض الخالص منه المحض؟ والمحيض فما قد خلط بالماء ومُحِضَ⁣(⁣١).


(١) كتاب الطهارة، ضمن مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم: ٢/ ٥٠٧ - ٥٠٨.