(260) مسألة: عدالة إمام الصلاة
  لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ٣٥}[يونس: ٣٥]، في كل هذا يخبر أن الولاة والأئمة في كل قرن وزمان هم الذين يعلمون، وفي كل هذا وما لم يذكر من أمثاله مما نزل في الكتاب، دلالة بينة ظاهرة نيِّره لأولي الألباب.
  وأما الصلاة فلا يجوز فيها أن يؤتم إلا بكل زكي، برٍّ بريء من الملاعب كلها والملاهي. ومن لم يعرض عن اللغو، وهو كل لعب ولهو، فليس من عباد الله، وعباد الله الذين ذكرهم بالإعراض عن اللغو فهم العباد لله، كما قال سبحانه: {وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا ٦٣} ... إلى قوله: {وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِٱللَّغۡوِ مَرُّواْ كِرَامٗا ٧٢}[الفرقان: ٦٣ - ٧٢]، وقوله سبحانه: {وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغۡوَ أَعۡرَضُواْ عَنۡهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ}[القصص: ٥٥].
  ومن الزور، ولهو الأمور، الغناء والدف، واللعب والعزف، وما يُعرض عن ذلك مَن سَمِعَه وحضَرَه، ولا من لم ينكر منكره، وقد ذُكر أن رسول الله # كان يقول: «صوتان ملعونان فاجران في الدنيا والآخرة، صوت عند نعمة، لعب ولهو ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة، خمش وجه وشق جيب ورنة شيطان».
  فمن اشتبه عليه مُدَّكر الإمامة، وما حكم الله به من ذلك على الأمة، ولم يدر أَفَرَضَ الله ذلك عليه أو لم يفرضه، ولم يعلم من ذلك ما يلزمه، فهو ضال غير مهتدٍ، وأمره في ذلك مسخوط عند الله غير مرضي، لأن الله كلفه العلم كما كلفه العمل، فجهل من ذلك ما عُلم فعليه أن يتعلم ما جهل، فإن لم يفعل كان مقصرا، ولم يكن مهتدياً ولا براً(١).
(١) مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم: ٢/ ٦٢٤ - ٦٢٥ رقم (٢١١).