الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

مقدمة الكتاب

صفحة 86 - الجزء 1

  ثلاث عبادات من ثلاث حجج، احتج بها المعبود على العباد، وهي: العقل، والكتاب، والرسول. فجاءت حجة العقل بمعرفة المعبود، وجاءت حجة الكتاب بمعرفة التعبد، وجاء الرسول بمعرفة العبادة. والعقل أصل الحجتين الآخرتين، لانهما عرفا به ولم يعرف بهما، فافهم ذلك.

  ثم الإجماع من بعد ذلك حجة رابعة مشتملة على جميع الحجج الثلاث، وعائدة إليها.

  ثم اعلم أن لكل حجة من هذه الحجج أصلا وفرعا، والفرع مردود إلى أصله، لأن الأصول محكمة على الفروع، فأصل المعقول ما أجمع عليه العقلاء ولم يختلفوا فيه، والفرع ما اختلفوا فيه ولم يجمعوا عليه. وإنما وقع الاختلاف في ذلك لاختلاف النظر، والتمييز فيما يوجب النظر، والاستدلال بالدليل الحاضر المعلوم، على المدلول عليه الغائب المجهول. فعلى قدر نظر الناظر واستدلاله يكون دركه لحقيقة المنظور فيه، والمستدلّ عليه، فكان الإجماع من العقلاء على ما أجمعوا عليه أصلا وحجة محكّمة على الفرع الذي وقع الاختلاف فيه.

  وأصل الكتاب فهو المحكم الذي لا اختلاف فيه، الذي لا يخرج تأويله مخالفا لتنزيله. وفرعه المتشابه من ذلك فمردود إلى أصله الذي لا اختلاف فيه بين أهل التأويل.

  وأصل السنة التي جاءت على لسان الرسول ÷، ما وقع عليه الإجماع بين أهل القبلة، والفرع ما اختلفوا فيه عن الرسول. فكل ما وقع فيه الاختلاف من أخبار رسول الله ÷ فهو مردود إلى أصل الكتاب والعقل والإجماع.