الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

(811) مسألة: هل للإمام أن يستعين بالفاسق، والمشرك؟

صفحة 75 - الجزء 2

  فإن قال قائل: فكيف لا يؤمنون عليه مما حرم الله من الفجور والظلم؟

  قيل له: إن صاروا في ذلك إلى شيء حكم عليهم فيه بما يلزمهم فيه من الحكم، ولو حرمت الاستعانة بهم من أجل ما يخافون عليه من ذلك في الباغين لحرمت الاستعانة بهم على قتال المشركين؛ لأنه قد يخاف في ذلك من فجورهم وغشمهم ما يخاف على الباغين مثله سواء، وقد استنفر الله تبارك وتعالى المنافقين في سبيله، وذمهم في كتابه على التخلف عن نبيه ÷ وعن المؤمنين وقاتل بهم رسول الله ÷ المشركين، والمنافق أحق وأولى بأن يخاف وَيُتَّقي من موجد وإن فسق وتعدى وكان فاجراً مفسداً، ولو حرمت على المؤمنين معاونتهم للزم المؤمنين طردهم فيها ومحاربتهم، ولو كان في معاونتهم لهم اجتياح جميع الظالمين وفي تركهم الاستعانة بهم ملاك جميع المسلمين لما حلت للمؤمنين منهم ما كانوا فاسقين معاونة ولا مناصرة ولا يحق على الفاسقين أن يكون منهم للمؤمنين إجابة ولا مظاهرة⁣(⁣١)، وكيف يرونه يقول من قال بهذا القول أو ذهب إليه في رسول الله ÷ نفسه لو كان اليوم حياً سوياً في أهل ملته وفي من بقي اليوم من الأمم المختلفة، أيدعوهم وهم على ما هم عليه اليوم من الحال، بل إن دعاهم فاستجاب له طائفة منهم من الضلال إلى أن يقيم حق الله فيهم وفي العوام، فهل يلزمه ذلك أن يحكم بينهم بما أمره الله به من الأحكام، أو لا يحكم بأحكام الله عليهم لما بان له من الفسق والضلال فيهم، أم يلبث فيهم ومعهم وبين أظهرهم ما أقاموا على ضلالهم وفسقهم ابداً مقيماً،


(١) الجامع الكافي: ٨/ ١٩٧ - ١٩٨، كتاب السيرة مسألة رقم (٣٣٠٠).