القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[تعارض العمومين في حكم قطعي]

صفحة 173 - الجزء 1

  تفاوت في احتمال النقيضين، وذلك لا يتصور في القطعي (ويصح) تعارضهما (في) حكم (اجتهادي) كقوله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}⁣[النساء: ٢٣]، مع قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ...}⁣[النساء: ٣].

  فالأولى: عامة من حيث لم تفصل في تحريم الجمع بينهما في الاستمتاع بين بالحرائر والإماء وإن كانت خاصة من حيث تناولهما الأختين فقط.

  والثانية: عامة بالنظر إلى الأختين وغيرهما خاصة من حيث لم تشمل الحرائر (فيعمل) حينئذٍ (بالترجيح) فأيهما وجد فيه أحد الأشياء المرجحة الآتية إن شاء الله تعالى دون الآخر وجب العمل به وإلغاء الآخر، وهذا حيث لم يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه.

  فأما لو أمكن جمع لأن الجمع بين الادلة مهما أمكن هو الواجب إذ فيه عدم الغاء كلام الحكيم وذلك كما روي عن قوم منهم الخطابي أنهم تأولوا واجب في قوله ÷ «الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم» بلا ذم من باب الاستحسان كما يقول حقك على واجب جمعا بينه وبين قوله ÷ «من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل».

  (أبي طالب وأكثر الفقهاء فإن تعذر) الجمع بينهما أو ترجح أحدهما؛ إذ التعارض على حد لا يظهر معه ترجيح أحدهما جائز عند الجمهور؛ وفيه خلاف أبي الحسين، (اطرحا) معاً (وأخذ في الحادثة بغيرهما) من الأدلة السمعية إن وجد وإلا رجع فيها إلى حكم العقل.

  (القاضي عبدالجبار) وغيره (بل يثبت) حينئذٍ (التخيير بينهما) فيختار المجتهد أيهما شاء.

  لنا: أن أحدهما باطل بلا شك، إما بالأصالة أو بالطرو، فإما أن يعمل بهما وفيه لزوم اجتماع التحليل والتحريم وهو تناقض، أو بأحدهما معيناً، وهو تحكم باطل،