القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[تأخير البيان]

صفحة 207 - الجزء 1

  قالوا: حقيقتُهُ العمومُ، ولم ترد، وسائر ما تحته من المراتب مجازاته، وإذا لم ترد الحقيقةُ وتعددت المجازات كان اللفظ مجملاً فيها، فلا يحمل على شيء منها، والباقي أحد المجازات، فلا يحمل عليه، فيبقى متردداً بين جميع مراتب الخصوص، فلا حجة في شيء منها.

  قلنا: إنما ذلك إذا كانت المجازات متساوية، ولا دليل على تعيين أحدها، وما ذكرناه دل على حمله على الباقي، فيصار إليه، ولهذه المسألة تعلق قوي بباب العموم.

[تأخير البيان]

  (مسألة:) إذا قلنا بجواز تأخير البيان بعد تبليغ الحكم إلى المكلف مجملاً فتأخير تبليغ الرسول الحكم إلى وقت الحاجة أجدر بالجواز؛ إذ لا يلزم فيه شيء مما كان يلزم من تأخير البيان من المفاسد.

  وأما على تقدير منعنا لتأخير البيان فقد اختلف فيه.

  فعند (المعتزلة) أنه (يجوز تأخير التبليغ) للحكم إلى وقت الحاجة.

  (وقيل: لا) يجوز بل يجب عليه المبادرة عند نزوله عليه.

  لنا: أنه لا مانع من ذلك عقلاً ولا شرعا.

  قالوا: بل هو ممتنع شرعاً (لقوله) تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ...}⁣[المائدة: ٦٧]، (والأمر) للوجوب وهو (للفور)، وإلا لم يفد فائدة جديدة؛ لأن وجوب التبليغ في الجملة ضروري يقضي به العقل.

  (قلنا: القصد مطابقة المصلحة) فكأنه قال بلغه على ما تقتضيه المصلحة (في التأخير والتقديم)؛ لأن القصد بالشرائع المصالح فتبليغها أيضاً يكون على وفق المصلحة؛ لأن الفرع تابع للأصل، وقد تكون المصلحة في التأخير، وما ذكرتموه ضعيف؛ لجواز تقوية ما علم بالعقل بالنقل، سلمنا، فهذا الأمر ظاهر في تبليغ